يستعد المغرب العربي لانطلاق مهرجان ماطا للفروسية حيث يتألق فيه تراث جبالة من جديد. منطقة ازنييد بجماعة عياشة شمال المغرب تستعد لاحتضان الدورة الثالثة عشرة من مهرجان ماطا للفروسية. يُقام المهرجان في الفترة الممتدة من 23 إلى 25 مايو 2025، بمشاركة واسعة من فرق الفروسية الشعبية، وسط اهتمام جماهيري متزايد.
أهمية مهرجان ماطا:
يمثل مهرجان ماطا أحد أبرز التظاهرات الثقافية في شمال المغرب، ويستقطب آلاف الزوار من مختلف مناطق البلاد وخارجها. حيث يسلط المهرجان الضوء على التقاليد المرتبطة بالفروسية الجبلية، ويعرف بجوّه التنافسي الفريد الذي يجمع بين المهارة والشجاعة والانتماء للقبيلة. فالفروسية في منطقة جبالة تعد جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية للسكان، إذ يتميز فرسان هذه المنطقة بقدرتهم الكبيرة على التحكم بالخيل في التضاريس الجبلية الوعرة.
السباقات التقليدية للفرسان في المهرجان:
تقام سباقات تقليدية خلال أيام المهرجان، حيث يتنافس الفرسان على انتزاع “دمية ماطا” المصنوعة يدويًا، وسط تشجيع جماهيري كبير. يعتبر الظفر بهذه الدمية رمزًا للفخر والتميز بين فرسان القبائل، ويعكس قدرة الفارس على الجمع بين الذكاء الجسدي والبراعة في المناورة. ويحظى هذا الطقس بمكانة خاصة لدى سكان الشمال المغربي، إذ يمثل استمرارًا لتقاليد تعود إلى قرون. يشارك في تنظيم الحدث عدد من الجمعيات الثقافية والتنموية المهتمة بالفروسية وحفظ الموروث الجبلي.
برنامج فني وثقافي متنوع:
يتخلل المهرجان برنامج فني وثقافي متنوع، يشمل عروضًا موسيقية شعبية، ومعارض للحرف التقليدية، وفضاءات لعرض المنتوجات المحلية. وتتيح هذه الفعاليات للزوار فرصة التعرف على نمط العيش الجبلي في المغرب، وعلى تقاليد الفروسية التي تمثل رمزًا للشهامة والرجولة. كما تشارك في المهرجان فرق فروسية تمثل قبائل مختلفة، ما يضفي تنوعًا ثقافيًا كبيرًا على الحدث.
التنظيم والاستقبال:
تحرص اللجنة المنظمة على توفير شروط استقبال مريحة، بما يشمل الأمن، والنقل، والخدمات الصحية، والتجهيزات اللوجستية. وتسهم هذه الاستعدادات في خلق أجواء ملائمة لعشاق الفروسية، سواء من العائلات أو المهتمين بالموروث الثقافي المغربي. كما تشهد الفعاليات حضور عدد كبير من المصورين والباحثين والمهتمين بالتراث غير المادي، بهدف توثيق الحدث.
جانب للأسواق والمطاعم في المهرجان:
يعرف المهرجان رواجًا اقتصاديًا محليًا، حيث يستفيد منه الحرفيون، وأصحاب المطاعم، والعاملون في قطاع السياحة القروية. توفر الأسواق المرافقة للمهرجان منتجات محلية تشمل العسل، والزيوت، والأعشاب الطبية، إلى جانب الصناعات الجلدية والنحاسية.
الفروسية الجبلية المغربية:
تظهر الفروسية الجبلية المغربية جانبًا أصيلًا من الهوية الثقافية، وتعتبر وسيلة للحفاظ على قيم الكرم والانتماء والتكافل الاجتماعي. حيث ينظر الزوار العرب للمهرجان كفرصة لاكتشاف جانب جديد من المغرب بعيدًا عن المدن والمنتجعات. كما تقدم عروض الفروسية مشاهد قوية تحبس الأنفاس، وتُبرز مدى الانسجام بين الفارس وجواده في مواقف تنافسية مثيرة.
الرسالة الثقافية لمهرجان ماطا للفروسية:
يحمل المهرجان رسالة ثقافية مفادها أن التراث يمكن أن يكون مصدر إشعاع حضاري وجذب سياحي مستدام. حيث تسعى فعاليات هذه الدورة إلى تعريف الزوار الأجانب والعرب بأصالة التقاليد الفروسية في شمال المغرب. كما تشجع بعض الجمعيات المهتمة بالفروسية الأطفال على التعرف على هذه الرياضة التقليدية من خلال ورشات وتجارب تعليمية مبسطة.
دعم مجتمعي واسع للمهرجان:
يحظى مهرجان ماطا للفروسية بدعم مجتمعي واسع، ويشكل نموذجًا ناجحًا لكيفية دمج الثقافة بالتنمية القروية والسياحية. كما تعتبر منطقة جبالة من أكثر مناطق المغرب تمسكًا بالعادات القبلية، ما يجعل الفروسية جزءًا من الحياة اليومية هناك. ويظهر مهرجان ماطا مثالًا حيًا على الترابط بين الإنسان والحصان في الثقافة المغربية التقليدية. حيث أن الفرسان المشاركون يعتمدون على خيول محلية مدربة على التضاريس الجبلية، ومعروفة بقوتها وتحملها وصبرها. ويحظى الفارس في المجتمع الجبلي بمكانة اجتماعية مرموقة، وغالبًا ما يتم اختياره لتمثيل القبيلة في المنافسات. لا ينظر الناس إلى المهرجان على أنه مجرد عرض، بل هو طقس سنوي يعيد إحياء الروابط بين الناس والتاريخ والطبيعة.
فعاليات فنية موازية للمهرجان:
تنظم فعاليات فنية موازية للمهرجان، تشمل الشعر الشعبي، والغناء الجبلي، والرقصات التقليدية، الأمر الذي يعطي الحدث بُعدًا فنيًا أوسع. كما يرى كثيرون أن استمرار هذا المهرجان يُشكل ضمانة لنقل التقاليد الفروسية للأجيال المقبلة.
وفي النهاية يعتبر مهرجان ماطا فرصة لاكتشاف التقاليد المغربية من منظور مختلف، بعيدًا عن الصورة النمطية للسياحة الحضرية. يتوجه المنظمون بالدعوة إلى عشاق الفروسية والثقافة العربية لزيارة المنطقة والاستمتاع بهذا الحدث المتميز.
المصدر:
larachenews.com