خيول برزيوالسكي الصينية تنتعش بعد أن وصلت إلى حافة الإنقراض

أصبح لخيول برزيوالسكي الصينية قصة تعافٍ مذهلة بعد أن وصلت إلى حافة الانقراض في براري الصين، حيث عادت
هذه الخيول الحياة إلى البرية الصينية.

ففي أعماق البراري القاحلة بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم شمال غرب الصين، ينبض اليوم قلب الحياة البرية من جديد. فخيول برزيوالسكي، التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الانقراض، تعود بخطى ثابتة نحو الطبيعة، بفضل بذل جهود جبارة امتدت لأربعة عقود.
فقد تجاوز عدد هذه الخيول في الصين حاجز 900 رأس، وهو ما يعادل تقريبا ثلث إجمالي تعدادها العالمي، في تطور لافت حاز على تقدير المجتمع الدولي.

برزيوالسكي خيل من عصور ما قبل التاريخ:

خيول برزيوالسكي ليست مجرد حيوانات برية مهددة، بل تمثل سلالة فريدة هي الأخيرة المتبقية من الخيول البرية الحقيقية في العالم.
يعود أصلها إلى أكثر من 60 مليون عام، ما يجعلها أحد الكائنات التي شهدت تطور الأرض بتقلباتها المناخية والبيئية.
موطنها الأصلي يمتد في حوض جونغار شمال غرب الصين، وصولاً إلى سهول منغوليا الجافة، وقد رصدت أول مرة علمياً في القرن التاسع عشر.

بداية العودة من الأسر إلى البراري:

في عام 1985، أطلقت الصين أولى مبادراتها الواسعة لإعادة إدخال هذا النوع الفريد إلى بيئته الطبيعية. حيث استوردت الدولة خيولاً من الخارج، وأسست قواعد تربية مدروسة في كل من شينجيانغ ومقاطعة قانسو، لتهيئة الخيول للحياة البرية تدريجياً. ومنذ ذلك الحين، اعتمدت الصين نهجا علمياً شاملاً شمل برامج استعادة الموائل الطبيعية ونظم مراقبة بيئية دقيقة.

مركز شينجيانغ القلب النابض لإحياء السلالة:

يُعد مركز شينجيانغ لتربية وأبحاث الخيول البرية اليوم أكبر قاعدة لتكاثر خيول برزيوالسكي في آسيا. بحسب نائب مدير مكتب الغابات والمراعي في شينجيانغ، ليو مينغهاي، فقد تمكن المركز من تربية أكثر من 800 حصان. وكذلك تم إطلاق 146 حصاناً منها إلى البرية ضمن 18 دفعة منظمة، ما ساهم في تأسيس مجموعات شبه مستقرة في مناطق مختارة بعناية.
ويعيش حاليا في شينجيانغ ما يقارب 546 حصاناً من هذا النوع، وهذا ما يجعلها موطناً رئيسياً لتعافي السلالة.

التوسع الإقليمي إلى قانسو ومنغوليا:

لم تقتصر جهود الحفاظ على منطقة واحدة فقط، بل امتدت لتشمل مناطق إضافية مثل قانسو ونينغشيا ومنغوليا الداخلية، وحتى منغوليا نفسها.
أكما أرسلت مجموعات مختارة من الخيول إلى هذه المناطق، بهدف تنويع البيئات الجغرافية وتوسيع نطاق انتشار هذا النوع.
الآن في قانسو وحدها، ارتفع عدد خيول برزيوالسكي إلى أكثر من 250 حصاناً، في إشارة إلى نجاح سياسة التوزيع الذكي للمجموعات.

 جهود جماعية صنعت الفرق:

يرى لي لينهاي، نائب الأمين العام لجمعية الحفاظ على الحياة البرية في الصين، أن هذه النجاحات ما كانت لتتحقق لولا التعاون بين العديد من الجهات.
وقال أيضاً : “إن نمو أعداد خيول برزيوالسكي هو نتيجة لجهود جماعية شارك فيها العلماء، والسلطات المحلية، والمنظمات البيئية، والمجتمعات المحلية”. وأكد كذلك أن تعافي هذا النوع من شفير الانقراض هو يجسد روح الإرادة البيئية الصينية التي تسعى لإعادة التوازن بين كل من الإنسان والطبيعة.

لماذا تعتبر خيول برزيوالسكي مهمة للبشرية؟

إلى جانب رمزيتها البيئية، تمثل خيول برزيوالسكي مرآة للتنوع الوراثي للكائنات الحية الموجودة على سطح كوكب الأرض.
فقد احتفظت هذه السلالة بجيناتها البرية النقية، دون أي تدخل من قبل التهجين البشري،  وهذا ما يجعلها بمثابة نموذج فريد للدراسة في مجالات التطور والسلوك الحيواني.
كما أن بقاءها في الطبيعة ينعكس بشكل إيجابي على النظم البيئية المحلية، ويساعد كذلك في تحقيق التوازن البيئي في المناطق القاحلة وشبه الصحراوية.

تحديات مستقبلية لا تزال قائمة و مستمرة:

رغم كل ما تحقق، لا تزال هذه الخيول مصنفة ضمن قائمة الكائنات المهددة بالانقراض عالمياً. حيث أن التغيرات المناخية، والتوسع العمراني، والمنافسة على الموارد الطبيعية تبقى من أبرز التحديات التي تواجه مستقبل هذه السلالة. لذلك، تواصل الصين جهودها في توسيع الموائل الطبيعية، وتطوير تقنيات التتبع والمراقبة، وكذلك تفعيل برامج التوعية المجتمعية حول أهمية الحفاظ عليها.

رسالة أمل من البرية الصينية:

تجسد قصة خيول برزيوالسكي مثالاً حياً لقدرة العلم بالتعاون مع الإرادة الإنسانية الواعية لكي يتم تغيير مصير نوعٍ بأكمله.
لذا فإنها ليست فقط قصة نجاح محلي، بل إنها بمثابة رسالة أمل للعالم بأن الطبيعة قادرة على التعافي إذا أُعطيت الفرصة والرعاية.
وفي زمن يتسارع فيه فقدان التنوع البيولوجي عالمياً، تبرز تجربة الصين في إعادة إحياء خيول برزيوالسكي كنموذج يُحتذى به في حماية الحياة البرية.

المصدر:

وكالة شينخوا الصينية

تدجين الخيول الغربية في فيتنام… قصة نجاح تفتح أبواباً التنمية الاقتصادية

قصة إصابة “الساحر الفضي”… عندما تتحول الخيول من أبطال إلى مرضى

من التشرد إلى منصات الجوائز ..سامانثا وعلاقتها بالأحصنة قصة ملهمة

محافظة كرمانشاه تحيي سلالة الخيول الكردية كعلامة تجارية وطنية

حملة عالمية لحماية الخيول من الإجهاد الحراري في المنافسات

في الحرب الأوكرانية الروسية هل تنجح الخيول في مواجهة المسيرات؟

أفضل 5 فنادق فاخرة لعشاق الخيول حول العالم