- الملف الشهير بقضية “رايدر” يمر بلحظة فاصلة في العلاقة ما بين الإنسان والحيوان في المدينة وفي الحياة الحديثة. كانت قد بدأت القصة في صيف عام 2022، فحينها اهتزت شوارع مدينة نيويورك بعد انتشار مقطع فيديو يوثق انهيار حصان فيها هذا الحصان يدعى “رايدر”.
أين وقع الحادث؟
وقع الحادث في منطقة هيلز كيتشن، عند تقاطع شارع 45 والجادة التاسعة، حيث سقط الحصان على الإسفلت بينما كانت العربات تتابع عملها وسط زحام المدينة.
شاهد المارة هذا المشهد المروع، وقد سارع البعض إلى تصويره ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث أنه لم يكن قد مر وقت طويل حتى أصبح اسم “رايدر” رمزًا لمعاناة الحيوانات في صناعة عربات الخيول.
بداية التحقيقات ومحاكمة المدرب:
انطلقت محاكمة مدرب الحصان “رايدر” في يوليو 2025 بعد تحقيقات استمرت لعدة أشهر من قبل شرطة المدينة ووحدة رعاية الحيوانات. ومن ثم اتهمت السلطات المدرب بممارسة القسوة على الحيوانات، حيث تبين لهم أن الحصان كان مريضًا وكان يعاني من سوء تغذية وكذلك من إرهاق شديد.
وتشير التقارير البيطرية إلى أن “رايدر” كان يجبر على العمل في ظروف مناخية قاسية على الرغم من تدهور حالته الصحية، وقد أظهر التشريح اللاحق أنه كان يعاني من مرض عصبي تنكسي متقدم.
كيف كانت ردود الفعل على هذا الحدث؟
الحادثة أعادت فتح النقاش العام حول استخدام الخيول في سحب العربات السياحية، خاصة في مناطق مكتظة كـ”سنترال بارك”. حيث دعا نشطاء حقوق الحيوان إلى وضع حد لهذا التقليد الذي رأوا أنه كان قاسياً وغير ملائم للعصر الحديث.
منظمة PETA وغيرها من الهيئات الحقوقية طالبت بحظر هذا النشاط نهائيًا، مبررين مطالبهم بالأدلة المستقاة من هذه الحادثة وغيرها.
التغطية الإعلامية للحدث:
وسائل إعلام مثل CBS News وNY Daily News سلطت الضوء على الحادث، وأجرت مقابلات مع عدد من الخبراء بالبيطريين وشهود عيان.
وقد أبدى عدد من السياسيين المحليين دعمهم لإصدار تشريعات تنهي استخدام الخيول في هذا النوع من العمل.
صراع بين التقاليد والواقع الحضاري الجديد:
لا تتوقف القضية عند حدود الرعاية الحيوانية فقط، بل هي تطرح تساؤلات أعمق عن العلاقة ما بين البشر والحيوانات في المدن الكبرى.
حيث يتساءل كثيرون: هل لا تزال هذه التقاليد مناسبة في هذا الزمن الذي يزداد فيه الوعي بحقوق الحيوان؟
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الخيول المستخدمة في الجر تعاني من مستويات توتر مرتفعة، وإصابات مزمنة بسبب بيئة العمل الصاخبة والصعبة.
في المقابل، يرى البعض أن إلغاء وجود هذه العربات قد يؤثر على أرزاق عدد لا بأس به من الأسر التي تعتمد على هذا العمل في حياتها اليومية. ومن جهة أخرى يشير بعض المؤيدين لهذه الصناعة إلى أن كثيرًا من سائقي العربات يهتمون بخيولهم بشكل جيد، وهم يحرصون على تغذيتها ومعالجتها، و لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الرقابة الكافية.
تحركات حكومية وتغييرات محتملة:
بلدية نيويورك أعلنت عن مراجعة شاملة للقوانين الناظمة لاستخدام الخيول في سياقة العربات، ويبدو أنها قد تفرض قيود جديدة على ساعات العمل وكذلك فيما يتعلق بالظروف المناخية.
حيث تجري مناقشات داخل مجلس المدينة لاعتماد بدائل كهربائية للعربات التقليدية، وهو ما قد يقلل من الاعتماد على هذه الحيوانات “الخيول“.
كما تم طرح اقتراحات اخرى تدعو إلى إعادة تأهيل السائقين المتضررين عبر برامج دعم حكومية، من أجل تسهيل الانتقال إلى أعمال بديلة.
مصير المدرب وتداعيات القضية عليه:
في حال تمت إدانة المدرب، فهناك عدة احتمالات منها أنه قد يحرم من ترخيص العمل، وقد يجبر كذلك على دفع غرامات أو حتى يمكن أن يصل الأمر إلى أن يواجه عقوبات جزائية.
إن قضية “رايدر” ليست مجرد حادث فردي، بل هي مرآة تعكس تحديات العلاقة القائمة ما بين الإنسان من جهة ومختلف الكائنات و عناصر الطبيعة في بيئة حديثة وحضارية معقدة.
وهي كذلك تذكير مؤلم بأن التقاليد القديمة، مهما كانت رومانسية وشاعرية في ظاهرها، فإنها قد تخفي وراءها معاناة كبيرة صامتة و لا صوت لها.
في النهاية نرجو أن يكون هذا الحدث اكثر من مجرد قضية وحكم قضائي لتشكل نقطة تحول حقيقية، تسهم في إعادة النظر في كيفية تعامل الحضارة الحديثة والناس في العصر الحالي الذي يكثر فيه التوتر والقلق والاضطراب مع الحيوانات التي تشاركها الحياة اليومية وخاصة الخيول التي بدأت علاقتها مع الإنسان منذ زمن طويل حيث أنها كانت شريكاً للإنسان في بناء رفاهيته وتطوره والحضارة الحديثة.
المصادر:
CBS News – Trial begins in Ryder the horse cruelty case
NY Daily News – Ryder’s tragic collapse raises ethical concerns
أول دفعة من عربات الخيول الكهربائية في إسبانيا
أكثر الحيوانات إثارة للاهتمام.. أسرار الخيول وأبرز الحقائق المثيرة
إيقاف فارس أسترالي شهير بسبب فيديو يظهر إساءة لحصان أثناء التدريب
ستاندردبريد منصة لعرض قدرات الخيول الأمريكية بعد التقاعد من السباقات
كاواساكي تكشف عن حصان آلي يعمل بالهيدروجين والذكاء الاصطناعي