يشهد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025، المقام في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات بملهم شمال العاصمة، عروضاً فروسية تجمع بين الخيول والصقور في مشهد يعيد سرد العلاقة العريقة بين الإنسان والطبيعة في التراث السعودي.
العروض التي تقام يومياً مرتين، عند السادسة والنصف والثامنة والنصف مساءً، تمتد على مدار ساعة كاملة، وتشكل محطة جذب رئيسية للزوار من مختلف الفئات، لما تتضمنه من مشاهد حيّة تحاكي تراث الفروسية والصقارة بأسلوب فني حديث ومتقن.
لوحات فنية تحاكي مهارة الفارس والصقر:
يؤدي فرسان محترفون سلسلة من الاستعراضات الحية التي تتنوع بين استخدام الملواح في تدريب الصقور، ورمي الأسهم التقليدية، والعروض النارية فوق ظهور الخيل، إضافة إلى الحركات البهلوانية التي تتطلب دقة عالية وتوازناً فائقاً بين الفارس وحصانه.
ويصمم العرض المسرحي بطريقة تبرز العلاقة الوثيقة بين الفارس وصقره، فتندمج حركة الخيول مع تحليق الصقور في لوحات فنية متتابعة، تعكس عمق التراث السعودي المرتبط بالفروسية، وتظهر انسجام الإنسان مع الحيوان في مشهد واحد يجمع الأرض والسماء.
رمزية الفروسية في الموروث الثقافي:
تعد الفروسية أحد الرموز البارزة في الثقافة السعودية، إذ ارتبطت بالكرم والشجاعة والهوية الوطنية منذ القدم. وفي هذا العرض، تتحول الفروسية من نشاط رياضي إلى سرد بصري يعيد إحياء القيم القديمة بوسائل فنية معاصرة.
فحركات الخيل المنتظمة، وصهيلها المتناغم مع الإيقاع الموسيقي المصاحب، يبعثان في الحضور إحساساً بالقوة والسيطرة والانسجام، بينما يكمل الصقر الصورة الرمزية للطبيعة الحرة التي كانت جزءاً من حياة الصيادين والفرسان في شبه الجزيرة العربية.

ويجسد مشهد الملواح لحظة التفاهم الصامت بين الصقر ومربيه، بينما يرمز رمي الأسهم إلى الإرث القتالي النبيل للفارس العربي. وهكذا تتقاطع عناصر العرض في صورة واحدة تُبرز التوازن بين الشجاعة والحكمة، وبين الأصالة والتجديد.
تجربة تجمع بين الأصالة والإبداع:
يشكل هذا العرض المسرحي تجربة تفاعلية متكاملة، تجمع بين الأداء الحركي والفنون البصرية والموسيقى الحية، ضمن إطار ثقافي يهدف إلى ترسيخ الوعي بالموروث السعودي.
فهو لا يقدم الفروسية كمجرد عرض ترفيهي، بل كتجربة معرفية تعرّف الزائر بتاريخ هذه الرياضة العريقة، ودورها في تكوين الهوية الثقافية للمجتمع السعودي.
ويتيح المعرض للزوار فرصة التعرف عن قرب على معدات الفروسية وأدوات الصقارة، إضافة إلى حضور ورش توعوية يقدمها خبراء في تربية الخيول والصقور، ما يضيف بعداً تثقيفياً إلى التجربة العامة للحدث.
جذب العائلات وهواة التراث:
تستقطب منطقة الفروسية جمهوراً واسعاً من العائلات والأطفال وهواة الخيول ومحبي الصقور، ممن يجدون في هذا العرض ما يجمع بين المتعة والتأمل. كما يعد من أبرز الفعاليات في المعرض، بفضل توازنه بين الجانب الفني والتراثي، وقدرته على تقديم صورة معاصرة لموروث متجذر في الذاكرة الشعبية.
ووفق المنظمين، تهدف هذه العروض إلى إبراز التناغم بين عناصر الثقافة السعودية، وإعادة تقديمها بلغة فنية قادرة على التواصل مع الجمهور المحلي والدولي على حد سواء.
المعرض.. وجهة عالمية للتراث والفروسية:
يواصل معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 تعزيز مكانته كأكبر حدث من نوعه في المنطقة، من حيث حجم المشاركات وتنوع الفعاليات. ويضم المعرض أجنحة مخصصة للفروسية والصقور ومعدات الصيد والأسلحة التراثية، إضافة إلى مسابقات في الرماية واستعراضات الخيل العربي الأصيل.
ويشارك في المعرض خبراء وفنانون من أكثر من أربعين دولة، مما يمنحه بعداً دولياً يبرز مكانة المملكة في مجال الحفاظ على الموروث الثقافي ونقله للأجيال الجديدة بأساليب معاصرة.
ترابط الإنسان والطبيعة في عرض واحد:
اللوحات التي تجمع الخيول بالصقور لا تقتصر على الأداء البصري، بل تعبر عن فلسفة التوازن بين الإنسان والطبيعة، وهي قيمة أساسية في التراث العربي.
فالفارس الذي يوجه حصانه بدقة ويستدعي صقره بملوحه يرمز إلى الانسجام بين القوة والعقل، وبين الرغبة في السيطرة والاحترام العميق للكائنات التي تشاركه الحياة. ومن خلال هذه الفكرة، يقدم العرض صورة حضارية للهوية السعودية المعاصرة، التي تجمع بين الأصالة والانفتاح، وبين التمسك بالجذور واستخدام الفن الحديث لتجسيدها.
استمرار لرؤية ثقافية:
من خلال هذه العروض، يؤكد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي أن الفروسية ليست نشاطاً تراثياً من الماضي، بل ممارسة حية تحمل في جوهرها القيم التي أسست هوية الإنسان في الجزيرة العربية. وما تقدمه منطقة الفروسية في هذا الحدث العالمي يمثل استمراراً لرؤية ثقافية تضع التراث في قلب الحاضر، وتحوله إلى مساحة تفاعل بين الأجيال. بهذا المفهوم، يتحول العرض إلى أكثر من مجرد استعراض، ليصبح رسالة فنية تؤكد أن الموروث السعودي، بكل عناصره من الصقارة والفروسية، لا يزال ينبض بالحياة في وجدان المجتمع، ويجد في مثل هذه الفعاليات منصة تليق بعمقه التاريخي وجماله الإنساني.
المصدر:
وكالة الأنباء السعودية (واس)
صحيفة عكاظ
موقع أخبار 24
حلول رقمية لمسائل الخيول والفروسية في معرض الفرس بالجديدة
انطلاق دورة جديدة من مهرجان سيدي رابح للفروسية
انطلاق سباق قوس النصر في أبرز مضامير سباقات الخيول في العالم
كيف تساهم الخيول في صمود غزة بوجه الحصار والإبادة؟
مدرسة أبوظبي للفنون الفروسية الأميرية تفتتح أبوابها في نوفمبر المقبل
Leave a Reply