طالب تايلاندي يتحدى المألوف ويركب حصانه إلى المدرسة

قرر طالب تايلاندي أن يتحدى المألوف والشائع ويركب حصانه إلى المدرسة يوميًا بدلاً من المواصلات وذلك من أجل توفير الوقود وإحياء التقاليد.

ففي أحد مشاهد الحياة الواقعية التي تشبه القصص المصورة، اختار طالب تايلاندي أن يذهب إلى مدرسته يوميًا على ظهر حصانه، في خطوة غير تقليدية لاقت تفاعلًا واسعًا من مستخدمي الإنترنت والإعلام المحلي. القصة التي انطلقت من مقاطعة “أنغ ثونغ” في وسط تايلاند لم تكن مجرد موقف طريف، بل أصبحت رمزًا للشغف، والاستقلالية، والقدرة على تحويل الهواية إلى نمط حياة متكامل.

رحلة فريدة تبدأ من الطفولة:

الطالب التايلاندي يُدعى “تين” (Ten)، ويبلغ من العمر 15 عامًا. وهو يدرس في الصف العاشر في مدرسة “Wisetchaichan Tantiwitthayapoom” التابعة لمنطقة “Wiset Chaichan”. يقول “تين” إن شغفه بالخيول بدأ منذ الصف الأول الابتدائي، عندما طلب من جدته أن تشتري له حصانًا بدلًا من ألعاب الأطفال. هذا الطلب الطفولي كان بالنسبة له بداية علاقة طويلة الأمد مع عالم الخيول.

فخلال السنوات اللاحقة، تعلّم “تين” أساسيات الفروسية وشارك في تدريبات مكثفة، حتى أصبح يمتلك الآن حصانين. الحصان الذي يصحبه يوميًا إلى المدرسة يُدعى “ساني” (Sunny)، وهو فحل عمره ثلاث سنوات. وفقًا لموقع “Naewna”، بدأ “تين” باستخدام الحصان كوسيلة مواصلات منتظمة منذ نحو شهر واحد فقط، لكنه جذب الأنظار إليه بسرعة كبيرة.

قرار اقتصادي وبيئي في آن واحد:

لا يعود سبب هذا القرار إلى حب “تين” للخيول فقط، بل أيضًا إلى الرغبة في التوفير. يقول “تين” لوسائل الإعلام المحلية إن استخدام الحصان أوفر من الدراجة النارية، خاصة مع ارتفاع أسعار البنزين. فهو لا يحتاج إلى التزود بالوقود، ولا يضطر إلى دفع تكاليف صيانة ميكانيكية باهظة، وهو ما يخفف العبء المالي على عائلته.

تين" قد تقدم بطلب رسمي لجلب حصانه إلى الحرم المدرسي. وبعد مراجعة الطلب، وافقت المدرسة.
تين” قد تقدم بطلب رسمي لجلب حصانه إلى الحرم المدرسي. وبعد مراجعة الطلب، وافقت المدرسة.

ويقوم “تين” برحلته إلى المدرسة يوميًا وهو يمتطي الحصان بكل ثقة. فالطريق الذي يسلكه يعرفه جيدًا، وقد أصبح مألوفًا لدى المارة الذين يحيّونه بود. كما أن البعض منهم يلتقط له الصور، والآخرون يتابعون القصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

دعم رسمي من المدرسة والإدارة:

ما يميز هذه القصة الغريبة أيضًا هو التفاعل الإيجابي من إدارة المدرسة. مديرة المدرسة، الدكتورة “نوتشانارت ييمشان”، صرحت بأن “تين” قد تقدم بطلب رسمي لجلب حصانه إلى الحرم المدرسي. وبعد مراجعة الطلب، وافقت المدرسة على الفكرة بشرط الالتزام بالتعليمات الخاصة بالحفاظ على النظافة والسلامة.

وقد خصصت الإدارة مكانًا آمنًا لربط الحصان بجانب منزل المديرة داخل الحرم المدرسي. خلال اليوم الدراسي، حيث يتفقد “تين” حصانه بشكل منتظم ويحرص على راحته. الإدارة لم تكتفِ بالموافقة، بل وصفت تجربة “تين” بأنها نموذج للقوة الناعمة (Soft Power) التي تُظهر كيف يمكن للشغف الشخصي أن يثري البيئة التعليمية.

الفروسية كهواية ورسالة:

لم يتوقف تأثير “تين” عند حدود المدرسة. ففي أوقات الفراغ، يدرّب طلابًا آخرين على ركوب الخيل ويشارك في الفعاليات الثقافية والمواكب المحلية. إذاً الفروسية لم تعد هواية فقط، بل أصبحت مصدر دخل إضافي له. يساعد هذا النشاط على تعزيز مهاراته الاجتماعية ويمنحه شعورًا بالمسؤولية والاستقلال.

 

فمن خلال هذا النشاط، يربط “تين” بين الحاضر والماضي، ويهو يعيد إلى الواجهة جانبًا من الثقافة التايلاندية الأصيلة المرتبطة بالخيول. حيث أن تايلاند، رغم تقدمها التكنولوجي، لا تزال تحتفظ بعلاقة تاريخية مع الخيول، خصوصًا في المناطق الزراعية والريفية.

تأثير واسع على وسائل التواصل والإعلام:

بعد انتشار صور “تين” على ظهر حصانه في الطريق إلى المدرسة، اجتاحت قصته مواقع التواصل الاجتماعي في تايلاند وخارجها. حيث أن العديد من المتابعين عبروا عن إعجابهم بثقته بنفسه، والتزامه بشغفه، وحرصه على التوفير والبيئة.

وقد تناولت القصة عدة وسائل إعلام محلية بارزة، مثل “Khaosod” و”Naewna”، وأشاد الكثير من الصحفيين بموقف المدرسة الإيجابي ودورها في دعم الطلاب المبدعين. هذه القصة أثارت نقاشات واسعة في تايلاند حول البدائل البيئية للمواصلات، وتشجيع الطلاب على ممارسة هواياتهم ضمن بيئة تعليمية مرنة.

اجتاحت قصة "تين" مواقع التواصل الاجتماعي في تايلاند وخارجها.
اجتاحت قصة “تين” مواقع التواصل الاجتماعي في تايلاند وخارجها.

شجاعة الاختلاف ومواجهة الضغوط:

قصة “تين” ليست مجرد قصة عن حصان وطالب، بل هي قصة عن شجاعة الاختلاف، وعن مواجهة الضغوط الاجتماعية من أجل التمسك بما يؤمن به الشخص. ففي عالم يندفع فيه الشباب نحو تقليد السائد بشكل أعمى أحياناً، يقدم “تين” نموذجًا للابتكار الحقيقي من قلب الريف.

إذ يرى البعض أن هذه التجربة يمكن أن تُلهم الطلاب الآخرين للبحث عن حلول إبداعية لمشكلاتهم اليومية، سواء كانت اقتصادية أو بيئية. كما يمكن للمدارس أن تتبنى سياسات أكثر مرونة تجاه شغف الطلاب وتوجهاتهم الشخصية.

خلاصة القصة ورسائلها الأهم:

قصة “تين” تعكس تلاقي الشغف بالتقاليد مع متطلبات الحياة المعاصرة. فهو قد اختار وسيلة نقل غير تقليدية، لكنها عملية ومستدامة واقتصادية. كما أنه حصل على دعم مدرسته، ونجح في لفت الانتباه إلى أهمية تمكين الشباب من التعبير عن أنفسهم بحرية مهما كان الاختلاف.

إن هذه القصة تثبت لنا أن تغييرًا بسيطًا في أسلوب الحياة قد يترك أثرًا واسعًا على كل المجتمع. فقد عبر تين عن ذاته، ونشر رسائل إيجابية للناس والمجتمع، وربما يساهم في أن يلهم آخرين ليعيدوا التفكير في اختياراتهم اليومية ويعيشوا حياتهم كما يحبون ويقومون بالاختيارات التي تتناسب مع تفردهم وشغفهم  ليكونوا مختلفين وعلى حقيقتهم بعيدا عن السائد.

المصادر:

موقع Naewna الإخباري

ما الذي يجعل من الدراسة الجامعية بوابتك الذهبية لعالم الخيول؟

إحياء سوق بيع الخيول في داكوتا الجنوبية بعد انقطاع أكثر من 20 عام

الخيول العربية تستعد لمنافسة قوية في تولوز الفرنسية

كتاب “الدليل الميداني للخيول” دليلك للتعرف على سلالات الخيول

قانون حماية الخيول درع قانوني ضد إساءة معاملة الخيول