آلاف الخيول تتدفق كالسيل في مراعي تشاوسو

يبدو أن شينجيانغ تستعرض قوتها التراثية بمنظر طبيعي يأسر الزوار من حول العالم، حيث أن آلاف الخيول بدأت تتدفق كالسيل في مراعي تشاوسو.

ففي مشهد نادر ومهيب، انطلقت آلاف الخيول وسط مراعي تشاوسو الواسعة، ضمن عرض موسمي جذب أنظار الزوار وكذلك عدسات المصورين. وقد جرى هذا الحدث في منطقة شينجيانغ الصينية، التي تعرف بجمالها الطبيعي الغني وتقاليدها المرتبطة بالفروسية والرعي. تشكل لحظة اندفاع الخيول أحد أبرز الفصول السنوية في حياة الرعاة، إذ أنها تعبر عن ذروة التناسق ما بين الإنسان والحيوان والطبيعة.

موسم التنقل الصيفي يحيي الحياة في الهضاب:

بدأ الرعاة المحليون بقيادة قطعانهم نحو المراعي الصيفية، حيث تتوفر لهم المياه والمرعى الأخضر. يشكل هذا التنقل جزءاً من أسلوب حياة تقليدي، حافظ عليه سكان المنطقة رغم تغيرات العصر. حيث أن الخيول، كعادتها كل عام، تنطلق بقوة نحو الهضاب المفتوحة، مدفوعة بنداء الطبيعة، في مشهد يشبه القصص القديمة.

ويسبق هذا العرض تجهيزات دقيقة يقوم بها الرعاة، الذين يهتمون بسلامة الخيول ويحددون توقيت اندفاعها بما يناسب الطقس وظروف الأرض. لا يهدف الحدث فقط إلى التنقل، بل يحمل قيمة رمزية تعزز الارتباط بالبيئة وتظهر عمق العلاقة بين المجتمعات المحلية وقطعانها.

عرض حي للفروسية في شينجيانغ:

يشكل اندفاع الخيول تقليداً راسخاً في ثقافة شينجيانغ، خاصة بين مجموعات الكازاخ الذين يعيشون في تلك المنطقة منذ قرون. إذ يرتدي الرعاة أزياءهم التقليدية، ويقودون خيولهم وسط تصفيق الجمهور، الذي يحج من المدن والمناطق المجاورة لمشاهدة العرض السنوي. و يستخدم هذا الحدث لعرض مهارات الفروسية أيضاً، وهذا ما يمنحه بعداً احتفالياً يتجاوز مجرد تنقل موسمي.

المشهد لا يقتصر على الخيول وحدها، بل يتخلله حضور أغنام وحيوانات أخرى تشكل جزءاً من قطيع الرعاة المتنقل. ومع كل عام، يزداد الاهتمام الإعلامي بالحدث، حيث توثق الكاميرات طائرات من دون طيار تفاصيل اندفاع القطيع، مما يخلق مشاهد خلابة تحبس الأنفاس.

مساهمة في السياحة الريفية:

تحول اندفاع الخيول في تشاوسو إلى عنصر جذب سياحي مهم وعرض مرتقب. حيث ان آلاف الزوار يقصدون المراعي في هذا الوقت تحديداً للاستمتاع بالمنظر ومتابعة حياة الريف عن قرب. كما توفر الحكومة المحلية تسهيلات لتشجيع السياحة البيئية، مثل أماكن مبيت بسيطة وسط الطبيعة وخدمات إرشاد للزوار.

وقد ساهم الحدث في دعم الاقتصاد المحلي، حيث يبيع الرعاة منتجاتهم من الألبان والجلود والمصنوعات اليدوية، ويقدمون عروضاً موسيقية تعكس تراثهم الثقافي. ومن المتوقع أن تزداد قيمة هذا الحدث مستقبلاً كونه يجمع بين البعد السياحي والثقافي والبيئي.

الحفاظ على تقاليد الرعي الحر:

رغم التحديات البيئية والتغيرات الاقتصادية، يصر الرعاة في شينجيانغ على التمسك بأسلوب حياتهم التقليدي. فهم يربون الخيول منذ الصغر، ويعلمون أطفالهم الفروسية منذ سن مبكرة. ولا يزال الحصان يحتل مكانة أساسية في يومياتهم، ليس فقط كوسيلة نقل بل كرفيق حياة.

ويساعد دعم الحكومة المحلية والمنظمات المعنية بالتراث الثقافي في الحفاظ على هذا النمط الفريد. وتقام برامج تدريبية لحماية مهارات الرعي التقليدي، كما يجري تسجيل بعض الممارسات في قوائم التراث غير المادي، الأمر الذي يعزز من فرص استمرارها للأجيال القادمة.

يقول أحد الرعاة المحليين: "لا نحتاج إلى أوامر كثيرة، الخيول تعرف طريقها لأننا ربيناها على الانضباط والحرية في الوقت نفسه".
يقول أحد الرعاة المحليين: “لا نحتاج إلى أوامر كثيرة، الخيول تعرف طريقها لأننا ربيناها على الانضباط والحرية في الوقت نفسه”.

الانضباط والحرية في مشهد يختصر علاقة الإنسان بالأرض:

يحمل اندفاع الخيول في تشاوسو رمزية قوية. حيث أن هذا الحدث لا يتعلق بالقوة والجمال فحسب، بل يختصر العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة. إذ يتحرك القطيع بانسجام تام، يتبع الرعاة دون عوائق، ويعرف الطريق رغم المسافات الطويلة.

يقول أحد الرعاة المحليين: “لا نحتاج إلى أوامر كثيرة، الخيول تعرف طريقها لأننا ربيناها على الانضباط والحرية في الوقت نفسه”. إن مثل هذه الكلمات تختصر فلسفة الحياة في الهضاب، حيث يتشكل الإيقاع اليومي من حركة الحيوان، ومن نسيم الجبال، وهمس الأعشاب.

شينجيانغ تفتح أبوابها لزوار العالم:

تسعى منطقة شينجيانغ  الصينية لفتح أفق جديد في مجال السياحة البيئية، وذلك من خلال تسليط الضوء على مشاهد كهذه. حيث تظهر الخيول في لحظات الاندفاع كأنها لوحة فنية حية، ترسمها الطبيعة ويكملها الإنسان. ومع تزايد الاهتمام العالمي بالثقافات التقليدية، تبرز أهمية أحداث كهذه في تعريف الناس بأساليب حياة لا تزال تنبض بالحيوية.

المصدر:

وكالة شينخوا

عروض الفروسية التقليدية في مهرجان تيفلت تعيد وهج التبوريدة إلى الواجهة

لماذا تحتاج نوادي الفروسية لتراخيص قانونية؟

كيف كان ختام كأس الإمارات لجمال الخيل العربية في الصين؟

هل التفاعل مع الخيل يساعد على الشفاء النفسي؟

جمجمة حصان من العصر الجليدي في كندا تذهل الجميع

محاكمة سائق عربة خيول أرهق حصانه