شهد اليوم الثاني من مهرجان رويال أسكوت Royal Ascot 2025 لحظات متضاربة بين الفرح بفوز الأبطال والحزن على فقدان فرس واعدة.
ففي واحدة من أقوى سباقات الموسم، توّج الحصان أومبودسمان Ombudsman بطلاً لسباق “برينس أوف ويلز ستيكس Prince of Wales’s Stakes” بقيادة الفارس الشهير ويليام بيوك William Buick. بينما ودّع جمهور السباقات الفرس الشابة هاريز غيرل Harry’s Girl بعد إصابة قاتلة في بداية اليوم.
أومبودسمان يفوز في سباق “برينس أوف ويلز”:
أظهر الحصان أومبودسمان أداءً رائعًا في السباق الممتد لمسافة عشرة فيرلونغ (2000 متر تقريبًا). فقد نجح الفارس ويليام بيوك في اقتناص الفرصة في اللحظات الحاسمة، عندما وجد فجوة في الصف الأمامي.
انطلق أومبودسمان بقوة مذهلة في آخر فيرلونغ، متجاوزًا منافسيه بفارق طولين ليحسم السباق لصالحه.
المركز الثاني والثالث:
حل الحصان أنمات Anmaat في المركز الثاني، فيما جاءت الفرس سي ذا فاير See The Fire في المركز الثالث.
أما الحصان لوس أنجلوس Los Angeles، الذي دخل السباق كالأوفر حظاً بنسبة كبيرة، فقد أنهى السباق في المركز الخامس.
ويبدو أن الحصان لوس أنجلوس دفع ثمن السرعة العالية في الفيرلونغ الثاني والتي تجاوزت 40 ميلاً في الساعة.
بينما تولى زميله في الإسطبل، الحصان كونتينيوس Continuous، قيادة السرعة منذ البداية، ما أرهق لوس أنجلوس مبكرًا.
بهذا الفوز، أضاف المدرب المخضرم جون جوسدن John Gosden فوزه الرابع في أسبوع رويال أسكوت لهذا العام.
وقد وصل رصيد جوسدن من الانتصارات في المهرجان إلى 70 فوزًا، وهو رقم قياسي يعكس مسيرته الطويلة في التدريب.
وفاة مأساوية للفرس هاريز غيرل تصدم جمهور السباقات:
خيم الحزن على انطلاقة اليوم الثاني من مهرجان رويال أسكوت بعد إصابة الفرس هاريز غيرل بجروح قاتلة.
شاركت الفرس الصغيرة في سباق “كوين ماري ستيكس Queen Mary Stakes” المخصص للخيول الصغيرة من الإناث.
لكن إصابتها المفاجئة أثناء السباق أجبرت اللجنة على إيقافها فورًا بعد تعرضها لكسر في أحد الأطراف. وقد تم التعامل مع الحادثة بسرعة، لكن الإصابة كانت خطيرة جدًا، ما أدى إلى اتخاذ قرار بإنهاء حياتها. أثارت هذه الحادثة موجة من الحزن بين الحضور وفي أوساط عشاق السباقات حول العالم.
وقد أطلقت أصوات تطالب بمراجعة آليات الأمان في السباقات لضمان حماية الخيول مستقبلاً.
انتصارات متتالية لفريق جوسدن:
واصل فريق المدربين جون وثيدي جوسدن هيمنتهم على سباقات اليوم الثاني، بفوز جديد مع الفرس كريمسن أدفوكيت.
جاء الفوز في سباق “ديوك أوف كامبريدج ستيكس Duke of Cambridge Stakes” بقيادة الفارس النيوزيلندي جيمس ماكدونالد James McDonald.
تمكن ماكدونالد، القادم من أستراليا، من ضبط إيقاع السباق ببراعة واندفع من الخارج في اللحظة الحاسمة.
فازت الفرس كريمسن أدفوكيت، المصنفة بنسبة 13-2، بفارق مريح، وكررت إنجازها من العام الماضي في سباق “كينغ تشارلز الثالث”. وقد أشاد المتابعون بأداء الفارس ماكدونالد ووصفوه بالمثالي من حيث التوقيت والدقة في الانطلاق النهائي.
خيبة أمل الملك والملكة:
في سباق “كينسينغتون بالاس ستيكس Kensington Palace Stakes”، شارك الجواد راينبو إيدج، المملوك للملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا.
لكن الجواد لم يكن في أفضل حالاته، واكتفى بالمركز السابع في سباق فازت به الفرس ميس إنفورميشن Miss Information المصنفة بنسبة 11-1. خيبة الأمل كانت واضحة على وجوه الحضور الملكي، الذي كان يأمل بتتويج ملكي في يوم حافل بالانتصارات.
فوز مؤثر لإيف جونسون هوتون في “ويندسور كاسل” بعد وفاة والدها:
قدمت المدربة إيف جونسون هوتون Eve Johnson Houghton لحظة إنسانية مؤثرة بعد فوز حصانها هافانا هوريكين Havana Hurricane. حيث حقق الحصان الفوز في سباق “ويندسور كاسل ستيكس Windsor Castle Stakes” بقيادة الفارس تشارلي بيشوب Charlie Bishop.
تشارلي بيشوب سبق له الفوز بنفس السباق عام 2021 مع الحصان “تشيبوتلي Chipotle”. لكن فوز هذا العام كان مختلفًا، إذ حمل طابعًا عاطفيًا خاصًا بالنسبة لإيف جونسون هوتون، التي فقدت والدها المدرب الشهير فولك جونسون هوتون Fulke Johnson Houghton في فبراير الماضي عن عمر ناهز 84 عامًا. بعد السباق، وقفت إيف والدموع في عينيها، وقالت بتأثر: “أفتقد والدي كثيرًا… كان سيكون فخورًا جدًا. هو أول من كنت سأهاتفه دائمًا بعد أي فوز”.
هذا الانتصار لم يكن فقط تتويجًا للعمل الجاد الذي بذلته مع فريقها، بل كان أيضًا تكريمًا لذكراه، خاصة أن والدها كان من أبرز المدربين في تاريخ السباقات البريطانية، وحقق ألقابًا كبرى خلال مسيرته التي امتدت لعقود.
كما أن الفوز جاء في واحد من أكثر سباقات “رويال أسكوت Royal Ascot” تنافسًا، ما جعل الإنجاز أكثر أهمية وأثرًا على الصعيد الشخصي والمهني للمدربة البريطانية.
تأثيرات الحوادث على سمعة السباقات وتدابير الأمان:
حادثة وفاة “هاريز غيرل” أعادت إلى الواجهة نقاشًا حساسًا في عالم سباقات الخيل يتعلق بسلامة الخيول. حيث أن الجمهور، وخاصة المهتمين بحقوق الحيوان، طالبوا بإجراءات أكثر صرامة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
أما الاتحاد البريطاني لسباقات الخيل فقد أصدر بيانًا أعرب فيه عن أسفه، مؤكدًا فتح تحقيق شامل في أسباب الحادثة.
المنظمون أوضحوا أن الخيل خضعت للفحوصات الطبية قبل السباق، ولم يظهر أي مؤشر يدل على خطر صحي سابق.
لكن مطالبات الجمهور تدفع نحو تطوير بنية المسارات واستخدام تقنيات أكثر تقدمًا لمراقبة اللياقة البدنية للخيول.
كما دعا بعض المدربين لتقليص عدد المشاركين في بعض السباقات، خاصة المخصصة للخيول الصغيرة في السن.
وأكدوا أن الحماس في السباقات لا يجب أن يطغى على المبدأ الأهم وهو الحفاظ على حياة هذه الكائنات النبيلة.
ويليام بيوك..فارس الإنجازات الهادئة:
فوز أومبودسمان أعاد تسليط الضوء على الفارس ويليام بيوك، أحد أبرز الأسماء في ميادين السباقات البريطانية.
بيوك يتميز بأسلوبه الهادئ في القيادة، وقدرته على قراءة السباق بدقة واتخاذ قرارات مصيرية في لحظات حرجة.
رغم أن هذا الفوز هو الأول له في أسبوع رويال أسكوت لهذا العام، إلا أن رصيده المهني مليء بالإنجازات الرفيعة.
وقد عبّر بيوك بعد الفوز عن فخره بالحصول على أول انتصار هذا الأسبوع مع حصان “بموهبة خاصة”.
وقال: “أومبودسمان يمتلك تسارعًا نادرًا. بمجرد أن حصل على المساحة، لم يتمكن أحد من اللحاق به”. الفارس المخضرم يشكل فريقاً ناجحًا مع المدربين جوسدن، ما يعزز مكانته كأحد أعمدة السباقات البريطانية الحديثة.
المدربان جوسدن .. ثنائية لا تتوقف عن الفوز:
جون جوسدن وابنه ثيدي أثبتا مرة أخرى أن التعاون بين الخبرة والطموح يصنع الانتصارات الكبرى.
الثنائي لم يكتفِ بفوز أومبودسمان فقط، بل حقق أيضًا فوزًا لافتًا مع الفرس كريمسن أدفوكيت.
كما قدموا خيولًا قوية في بقية السباقات، ما جعل اسمهم يتردد في كل زوايا مضمار أسكوت.
الفريق يستخدم مزيجًا من أساليب التدريب التقليدية والتكنولوجيا الحديثة لتحليل أداء الخيول وتطوير مستواها.
ويبدو أن نتاج هذا الدمج يظهر بوضوح في طريقة اندفاع خيولهم في اللحظات الحاسمة من السباقات.
مع كل فوز جديد، يقترب جون جوسدن من تكريس نفسه كواحد من أعظم المدربين في تاريخ السباقات العالمية.
السباق مستمر والتحدي القادم يشتد:
رغم خيبة الأمل الملكية هذا اليوم، فإن السباقات القادمة ستحمل فرصًا جديدة لخيل العائلة المالكة. ومن المتوقع مشاركة خيول جديدة لهم في اليوم الثالث، حيث يترقب الجمهور عودة الانتصارات الملكية. من جهة أخرى، تزداد المنافسة بين المدربين والفُرسان مع كل يوم جديد في مهرجان أسكوت.
الجمهور يترقب أداء خيول مثل “تريبل كلايم” و”غولدن ساندز”، التي ستشارك في سباقات السرعة خلال اليوم الثالث.
السباقات المقبلة قد تشهد مفاجآت كبيرة، خصوصًا مع ارتفاع أداء الخيول الأقل شهرة وتراجع بعض المرشحين الكبار.
الطقس المتوقع أن يبقى مستقراً قد يساعد في تقديم سباقات أكثر اتزانًا وسرعة على أرضية جيدة.
“رويال أسكوت” أكثر من مجرد مهرجان سباقات:
لا يمكن الحديث عن مهرجان رويال أسكوت دون التوقف عند طابعه الثقافي والاجتماعي البارز. فالمهرجان الذي يستمر خمسة أيام، يجمع بين التقاليد الملكية والرياضة الحديثة في أبهى صورة.
الحدث يحضره نخبة المجتمع البريطاني والعديد من مشاهير العالم، وهو مناسبة للاحتفال بالأناقة والسرعة. العائلة المالكة تحرص على الظهور يوميًا، ما يمنح المهرجان هيبة فريدة في أجندة السباقات العالمية.
كما توفر فعالياته فرصة لمحبي الخيول من جميع أنحاء العالم لاكتشاف أبرز السلالات وأفضل الفُرسان والمدربين.
الجوائز المالية السخية التي تتجاوز الملايين تجعل منه هدفًا سنويًا لأقوى الإسطبلات في أوروبا وخارجها.
المجد لا يخلو من الدموع:
رويال أسكوت 2025 لا يزال في منتصف الطريق، لكنه أثبت مرة أخرى أن سباقات الخيول تجمع المجد بالحزن. فالفوز يتطلب القوة والمهارة، لكنه لا يمنع لحظات الفقد من أن تسرق قلوب الجماهير.
وفاة “هاريز غيرل” كانت تذكيرًا قاسيًا بأن هذه الرياضة، رغم سحرها، تنطوي على مخاطر حقيقية. لكن بالمقابل، لحظات مثل فوز أومبودسمان أو دموع إيف هوتون تعكس عمق هذه الرياضة وجمالها الإنساني. ومع استمرار السباقات، ننتظر المزيد من القصص التي تجمع بين الفروسية، الشغف، والفخر.
المصادر:
BBC Sport – Horse Racing
Royal Ascot Official Website
British Horseracing Authority
بيل غيتس يدعم شغف ابنته بجو خيالي لرياضة الفروسية
لمن كان الفوز في كأس قطر فرنسا للخيل العربية الأصيلة؟
إحياء سوق بيع الخيول في داكوتا الجنوبية بعد انقطاع أكثر من 20 عام
أشهر الخيول في التاريخ الإسلامي: وفاء وشجاعة لا مثيل لها
قانون حماية الخيول درع قانوني ضد إساءة معاملة الخيول
Leave a Reply