الحصان “المحارب” الذي نجا من الحرب العالمية الأولى

في السطور التالية سنتعرف على الحصان الأسطوري الحصان “المحارب” الذي نجا من الحرب العالمية الأولى، الحصان الذي شارك في الحرب العالمية الأولى وحصل من الألمان على لقب “الحصان الذي لا يقتل”.

هذا الحصان أصبح رمزًا للشجاعة والولاء خلال الحرب العالمية الأولى. وقصته هي قصة عن النجاة والبقاء على قيد الحياة، وعن رابطة لا تنفصم بين الفرس والفارس.

فمن بين العديد من الحيوانات التي تركت بصماتها في الحرب العالمية الأولى ، كان هناك حصان واحد يقف منفردًا – ليس لأنه ساهم في تغيير مسار المعركة وحسب، ولكن لتجسيده القدرة على التحمل، والروح التي لا تهزم.

كيف نشأ الحصان المحارب؟

لقد نشأ الحصان المسمى “المحارب” والذي ولد في جزيرة وايت الهادئة، بعيدًا عن دخان الحرب وفولاذها. وتحت قيادة الجنرال جون “جاك” سيلي ــ الذي أصبح فيما بعد قائدًا عسكريًا رئيسيًا وحليفًا مقربًا وصديقًا شخصيًا لوينستون تشرشل.

كان حصاننا المحارب يركض في الحقول المتعرجة، دون أن يدرك أنه ذات يوم، سوف يركض في الخنادق المليئة بالطين على الجبهة الغربية. والرابطة القوية التي نشأت بين الفارس والحصان سرعان ما تم اختبارها من خلال فوضى المعركة وبعدها أصبحت مخلدة في الأساطير.

مولد المحارب:

“المحارب _واريور” حصان الحرب الاستثنائي الذي ولد في جزيرة وايت, ولد عام 1908. وقضى سنواته الأولى بعيدًا عن العاصفة التي كانت على وشك أن تجتاح أوروبا، في المراعي الخلابة بجزيرة وايت.

وتحت رعاية سيلي، طور واريور الذكاء والاتزان والحدس الحاد الذي أصبح فيما بعد سبب شهرته الأسطورية. وقد شارك الاثنان_الحصان والفارس_ في رحلات طويلة عبر المناظر الطبيعية الخصبة في الجزيرة، وأسسا شراكة مبنية على الثقة والفطرة والتفاهم غير المعلن. فبالنسبة لهذا الثنائي، كانت الحياة في جزيرة وايت حياة مليئة بالهدوء والسلام – وظلت كذلك حتى عام 1914.

ما الذي حدث عام 1914؟

كما هو معروف فقد اندلعت الحرب في أوروبا عام 1914، ومثل العديد من أبناء جيله، استجاب سيلي لنداء الخدمة. لكن ترك المحارب خلفه لم يكن بالنسبة له خيارًا أبدًا. فقد عبرا معًا القناة الإنجليزية إلى فرنسا، وخطا سويةً خطواتهما الأولى إلى عالم لا يمكن التعرف عليه من الحقول الهادئة في الوطن. حيث ستختبرهم الحرب بطرق لم يكن أي منهما ليتخيلها، لكن الرابطة التي بنياها معاً فيما بينهما ستثبت أنها رابطة لا تتزعزع تماماً كالحرب نفسها.

ساحات المعارك التي صنعت الحصان المحارب:

بمجرد أن هبط الفارس والحصان في فرنسا في أغسطس/آب 1914، تم اختبار شجاعة المحارب في بعض من أكثر ساحات المعارك قسوة في الحرب.

في إيبرس:

في إيبرس، وتحت نيران المدفعية المتواصلة، شق الحصان المحارب طريقه عبر منطقة مليئة بالحفر بفعل القذائف، متجنباً الخنادق المنهارة وشظايا الطلقات. وقد أنقذته غريزته وساعدته في النجاة من خطر الموت المحقق أكثر من مرة، الأمر الذي أكسبه سمعة الحصان الذي يرفض السقوط أو ” الحصان الذي لا يقبل الموت”.

معركة السوم 1916:

خلال معركة السوم عام 1916،  تم القضاء على فرق بأكملها في دقائق. في هذه المعركة الشرسة اندفع المحارب عبر مساحات شاسعة من الأراضي التي تمزقها الانفجارات.

وحينما كانت الحرب تلقي الرجال والخيول في الهواء، واصل المحارب مسيرته، ونجا بصعوبة من وابل من الرصاص جعل الأرض مليئة بالجثث والحطام.

معركة باسيندايلي عام 1917:

ولكن في معركة باسيندايلي في عام 1917 واجه المحارب أعظم محنة له.حيث حولت الأمطار الغزيرة ساحة المعركة إلى مستنقع لا قاع له، يبتلع الجنود والحيوانات على حد سواء. في هذا المكان وجد المحارب وسيلي أنفسهما يغرقان في الوحل، حيث ثقلت حركاتهما بينما بدأ الطين يسحبهما إلى الأسفل. ومع ذلك، ومن خلال قوة الإرادة الصرفة وبالاستعانة بعضلاته  وحوافره التي بدأت تخدش الأرض الصلبة حرر نفسه من الوحل. وبذلك بقي على قيد الحياة وتمكن من اجتياز ساحات المعارك المليئة بالطين، ونيران المدفعية، وهجمات الفرسان المرهقة، وكانت ساقاه القويتان تحملانه فوق الحفر والخنادق والوحل العميق. وحين يتعثر الآخرون، كان هو يواصل التقدم ولذلك أصبح يُعرف باسم “الحصان الذي لم يتمكن الألمان من قتله”.

دور الحصان المحارب في الهجوم الحاسم على أميان:

بحلول أغسطس/آب 1918 ــ وبعد مرور أربع سنوات بالضبط على انضمام الحصان “واريور” وصاحبه سيلي إلى الحرب ــ وصلت الأمور إلى نقطة الانهيار. وكانت معركة أميان بمثابة محاولة أخيرة يائسة لكسر الخطوط الألمانية.

وكجزء من هجوم منسق لسلاح الفرسان، اندفع المحارب وسيلي بسرعة وسط نيران المدافع الرشاشة وهدير المدفعية الصاخب.

كانت هجمات الفرسان قد أصبحت نادرة بشكل متزايد بحلول هذه المرحلة من الحرب. وكانت ساحات المعارك المحصنة على الجبهة الغربية، المليئة بالأسلاك الشائكة والمغطاة بالرشاشات سريعة النيران، قد جعلت الهجمات التقليدية التي تشنها الخيول أشبه بالانتحار.

حيث كانت معركة أميان إيذانًا بتحول بعيد عن حرب الخنادق الثابتة، فقد تبنى الحلفاء استراتيجية هجومية أكثر تنقلًا وتنسيقًا. عملت الدبابات والمشاة والمدفعية والفرسان معًا لسحق الدفاعات الألمانية – وللمرة الأولى منذ سنوات، تمكنت الوحدات المحمولة من استغلال الثغرات في خطوط العدو وقطع القوات المنسحبة وتعطيل طرق الإمداد.

كان حصاننا المحارب يركض عبر الحقول المليئة بالدخان، وحوافره تدق فوق جثث الجنود الساقطين، وهو يتفادى الحفر والشظايا التي ابتلعت وحدات بأكملها. ولذا أصبح رمزاً حيث كان مجرد وجوده وحده كافياً لرفع الروح المعنوية – فإذا كان الحصان المحارب “واريور” قادرًا على الاستمرار، فيمكن للرجال أيضًا.

وفي النهاية نجحت الهجمة، وانهارت الجبهة الألمانية تحت وطأة الهجوم، مما أجبرها على التراجع، وهو ما ساعد في تحويل مجرى الحرب.

تقاعد الحصان المحارب وعودته إلى أرض الوطن:

عندما سكتت المدافع أخيرًا في عام 1918، عاد المحارب إلى موطنه في جزيرة وايت – وهو حصان حرب نادر نجا من الحرب العالمية الأولى بالكامل وعاد إلى المراعي الهادئة في شبابه.

إن هذا الحصان الأسطوري قد تمكن ولمدة أربع سنوات (1914-1918)، من الهروب من الموت في ساحات المعارك في فرنسا – حيث كان يتفادى القذائف، ويخوض في وحل معركة باسيندايلي، ويقود هجمات سلاح الفرسان تحت نيران لا هوادة فيها.

وقد أكسبته نجاته شبه المعجزة لقب “الحصان الذي لم يتمكن الألمان من قتله”، وهو اللقب الذي ظل يلاحقه حتى وقت السلم.

انتهت الحرب لكن أسطورة المحارب لم تنتهي:

قصة المحارب لم تتلاشى بعد الحرب، بل إنها نمت وتطورت. حيث أصبح من المشاهير الذين عرفوا باعتبارهم أسطورة حية. وقد انتشرت شهرته خارج المؤسسة العسكرية، فظهر علناً في مناسبات عديدة، بما في ذلك عرض عسكري إلى جانب أبطال حرب آخرين نالوا الأوسمة.

نهاية القصة:

على عكس الآلاف من خيول الحرب الأخرى التي تركها أصحابها خلفهم أو أعيد استخدامها للعمل، حصل واريور على التقاعد الذي يستحقه. حيث قضى أيامه يتجول في نفس الحقول التي كان يركض فيها ذات يوم مهرًا، تحت الرعاية المحبة للجنرال سيلي، الرجل الذي ركبه إلى المعركة.

عندما توفي واريور في عام 1941 عن عمر يناهز 33 عامًا – وهو عمر مثير للإعجاب نظرًا لأن معظم الخيول تعيش ما بين 25 و30 عامًا – نشرت الصحف نعيه، تكريمًا له ليس فقط باعتباره حصان حرب، ولكن كرمز للنجاة من الحرب العالمية الأولى.

ميدالية الحصان المحارب:

لقد عاش إرثه، وتم تخليده في الكتب، كما في ساحة المعركة. وفي وقت لاحق، تم منحه ميدالية PDSA Dickin – أعلى وسام للحيوانات في زمن الحرب – بعد وفاته في عام 2014.

إن قصة الحصان “المحارب” ليست مجرد قصة من الحرب بل هي أول قصة عن الرابطة غير المعلنة بين البشر والحيوانات، نوع من الارتباط المبني على الثقة والغريزة والولاء.

المصدر:

https://www.forbes.com/sites/scotttravers/2025/02/08/meet-the-most-legendary-war-horse-of-wwi-heres-how-he-became-the-horse-the-germans-couldnt-kill/

إغلاق مزرعة بسبب إصابة حصان بالاختناق

من التشرد إلى منصات الجوائز ..سامانثا وعلاقتها بالأحصنة قصة ملهمة

تربية الخيول: قرار يحتاج إلى تفكير عميق

كيف اختطف حصان آغا خان؟