الخيول وعلاقتها بالحلول الجديدة لأمراض القلب والشيخوخة

هل يمكن أن يكون هناك علاقة بين الخيول والحلول الجديدة لمشاكل أتعبت الإنسان مثل أمراض القلب وتأثيرات الشيخوخة؟

دراسة جديدة تقول أنه يمكن لعلم وراثة الخيول أن يسهم في الطب البشري فكيف يتم ذلك؟

كشف فريق من العلماء مؤخرًا عن تكيّف جيني فريد موجود لدى الخيول، قد يفسر قدراتها الرياضية الاستثنائية. هذا التكيف، الذي لم تسبق مشاهدته من قبل إلا في الفيروسات، يسمح للخيول بتجاوز إشارة التوقف الوراثية المبكرة.

تفاصيل الدراسة:

قاد هذا الاكتشاف باحثون من جامعة “جونز هوبكنز للطب” Johns Hopkins Medicine وذلك بالتعاون مع مختبر “كاستيليوني” في جامعة فاندربيلت Vanderbilt University’s Castiglione Lab.

وقد ركز فريق البحث على مسار جيني أساسي يُعرف بـ NRF2/KEAP1 وآلية تطورية نادرة تمنح الخيول ميزة رياضية كبيرة.

أسرار الجينات في الخيول:

يوجد مسار NRF2/KEAP1 في جميع الفقاريات، وهو يؤدي دورًا مهمًا في حماية الخلايا من الإجهاد التأكسدي، إلى جانب تنظيم التمثيل الغذائي وإنتاج الطاقة.

البروتين NRF2 يحمي الخلايا من الجذور الحرة Reactive Oxygen Species، وهي جزيئات غير مستقرة تُلحق الضرر بالحمض النووي وتتراكم أثناء النشاط البدني. أما KEAP1 فهو يعمل كمستشعر ينظم كمية NRF2 المتوفرة للاستجابة للضغوط البيولوجية.

ماذا يقول الأطباء؟

يقول البروفيسور “إيليا دو” Elia Duh، أستاذ طب العيون في معهد “ويلمر” للعيون Wilmer Eye Institute التابع لجامعة “جونز هوبكنز”:
“لقد درسنا هذا المسار لفترة طويلة لأنه مهم جدًا في أمراض الشبكية مثل الضمور البقعي واعتلال الشبكية السكري.”

ويضيف: “يؤدي NRF2 دورًا مهمًا في التعامل مع الإجهاد التأكسدي، وكذلك في استقلاب الميتوكوندريا والتنفس الخلوي وإنتاج الطاقة.”

تكيّف نادر جدًا في الخيول:

من خلال تحليل تسلسل الجينات، اكتشف الباحثون طفرة غريبة في جين KEAP1 لدى الخيول والحمير والحمار الوحشي. أدت هذه الطفرة إلى ظهور كودون توقف مبكر – وهو جزء من الحمض النووي يعمل كإشارة “توقف”، وهو عادةً ما يؤدي إلى توقف تصنيع البروتين قبل اكتماله.

عند ظهور كودون التوقف مبكرًا في الجين، فإن البروتين الناتج غالبًا ما يكون غير مكتمل ولا يؤدي وظيفته. في البشر، ترتبط هذه الكودونات المبكرة بحوالي 11٪ من الأمراض الوراثية، مثل التليف الكيسي والحثل العضلي.

لكن الخيول طورت حلاً مذهلًا لهذه المشكلة. فعوضًا عن توقف إنتاج بروتين KEAP1، تقوم خلاياها بإعادة ترميز إشارة التوقف، مما يسمح باستمرار ترجمة الجين وإنتاج بروتين كامل الوظيفة. تُعرف هذه العملية باسم تجاوز كودون التوقف (Stop Codon Readthrough)، وهي نادرة جدًا في الكائنات الحية ولم تُسجل سابقًا إلا في الفيروسات.

التعامل مع متطلبات التحمل البدني العالية في الخيول:

أظهر التحليل الجزيئي لخلايا الخيول أن هذا التعديل الجيني ينتج عنه بروتين KEAP1 وهو أكثر كفاءة في الاستجابة للجذور الحرة. حيث يؤدي هذا إلى تنشيط أكبر للبروتين NRF2، الذي يساعد الخلايا على إنتاج الطاقة ومقاومة الضرر التأكسدي. النتيجة النهائية: نظام خلوي مهيّأ للتعامل مع متطلبات التحمل البدني العالية في الخيول.

يبدو أن هذا التعزيز في مسار NRF2/KEAP1 يمنح الخيول قدرة على تلبية احتياجاتها العالية من الطاقة أثناء التمرين، مع تقليل الأضرار الخلوية الناتجة عن الإجهاد.

ويقول الباحثون إن هذا قد يفسر كيف تطورت الخيول لتكتسب سرعتها وقدرتها الكبيرة على التحمل.

قال “دو”:
“عملنا لا يؤكد فقط هذا التكيّف الجيني الفريد، بل يوضح أيضًا أهمية هذا المسار في الأمراض المزمنة، وأمراض الشيخوخة، وفسيولوجيا التمارين.”

كيف يسهم علم وراثة الخيول بتحسين صحة الإنسان؟

طرق تحسين الحالة النفسية للخيول

لا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على فهم بيولوجيا الخيول فقط، بل قد يفتح آفاقًا جديدة للعلاجات الطبية. حيث أن الآلية الجينية التي تسمح للخيول بتجاوز كودون التوقف المبكر، قد تساعد في علاج أمراض وراثية بشرية تسببها طفرات مشابهة.

ومن خلال فهم كيف تتجاوز الخيول إشارات التوقف الجينية، قد يتمكن العلماء من تصميم أدوية أو علاجات جينية تحاكي هذه العملية في الإنسان.

حلول علاجية جديدة للضمور البقعي، وأمراض القلب،  وتأثيرات الشيخوخة:

يقول “دو”:

“الاستراتيجية التي تستخدمها الخيول لتجاوز كودون التوقف قد تساعد في جهود علاج العديد من الأمراض الوراثية الناتجة عن طفرات مماثلة.”

ولا تقتصر فوائد دراسة هذا المسار الجيني على الأمراض النادرة فقط، بل تمتد أيضًا إلى الأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر.

نظرًا لأن NRF2 يلعب دورًا محوريًا في استجابة الخلية للإجهاد وفي التمثيل الغذائي، فإن استهداف هذا المسار قد يوفر حلولًا علاجية جديدة لحالات مثل الضمور البقعي، وأمراض القلب، وحتى تأثيرات الشيخوخة.

الجينات الخيلية والطب البشري:

يعد اكتشاف عملية تجاوز كودون التوقف في الخيول مثالًا بارزًا على قدرة التطور على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات البيولوجية. حيث أنه حتى الآن، كان يعتقد أن هذه الآلية محصورة في الفيروسات التي تستخدمها لإنتاج بروتينات متعددة من تسلسل جيني واحد.

لكن قدرة الخيول على استخدام هذه الآلية تشير إلى أنها قد تكون أكثر شيوعًا وأهمية طبية مما كان يعتقد.

ومع استمرار الباحثين في استكشاف آثار هذا التكيف التطوري، فإنهم يسهمون في ردم الفجوة بين علم الأحياء الحيواني والطب البشري، ويقدمون رؤى جديدة حول الأداء الرياضي وعلاج الأمراض.

المصدر:

earth.com

نُشرت هذه الدراسة في مجلة Science.

3 إصابات جديدة بأنفلونزا الخيول

تحذيرات لأصحاب الخيول ضرورة التطعيم ضد الفيروسات

دراسة حديثة: الخيول تتنصت على البشر..!

أغلى الخيول العربية المباعة في العالم.. لمحة عن الأسعار والمواصفات

أسعار الخيول في الرياض 2025: نظرة شاملة على السوق وأشهر المزارع