برنامج للعلاج بالخيل يمنح الأمل للمصابين بالتوحد والأمراض العصبية

برنامج “Hoofbeats to Healing” في يوتا هو برنامج علاج بالخيل يمنح الأمل للأطفال المصابين بالتوحد والأمراض العصبية.

ففي مدينة “ساراتوغا سبرينغز” بولاية يوتا الأمريكية، تقدم مزرعة صغيرة برنامجًا علاجيًا فريدًا من نوعه يُدعى “Hoofbeats to Healing” أو “ضربات الحوافر للشفاء”.
هذا البرنامج يعتمد على العلاج بالخيل لمساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عصبية، أو تأخر في النمو، أو التوحد.

تفاصيل برنامج العلاج:

البرنامج الذي أسسته “تامي كليغ” قبل نحو ثلاثين عامًا، نجح في تقديم نموذج فريد في العلاج غير التقليدي. حيث يعتمد هذا البرنامج العلاجي على التفاعل الحسي والحركي بين الطفل والحصان، مما يسهم في تحسين التوازن، والثقة بالنفس، والتواصل الاجتماعي.
ويعد هذا البرنامج مثالًا على كيف يمكن للعلاقة بين الإنسان والحيوان أن تصبح أداة شفاء فعالة، خصوصًا للأطفال الذين يواجهون تحديات نمائية.

تجربة شفاء طفل أدهشت الأطباء:

“تي. جاي. شفاينلر”، هو طفل يبلغ من العمر عامين، خضع لعدة عمليات جراحية في الدماغ منذ ولادته. وقد أخبر الأطباء أسرته بأنه قد لا يتمكن من المشي أو التحدث إطلاقًا بسبب حالته الصحية المعقدة. ولكن بعد انضمامه لبرنامج هوفبيتز تو هيلينغ “Hoofbeats to Healing”، بدأت تظهر عليه بوادر تحسّن واضحة.

تقول جدته “آمي جارفي” إن ركوبه على ظهر الحصان كان نقطة تحول. وتضيف قائلة: “منذ أن بدأ هذا البرنامج، أصبح طفلنا أكثر ثقة، وبدأ يتواصل مع البيئة من حوله، ويشعر بالأمان وهو على ظهر الحصان”. وتؤكد أن العلاج بالخيل لم يعزز صحته الجسدية فقط، بل ساعد في خلق رابط عاطفي قوي بينه وبين هذا الحيوان الجميل.

ركوب الخيل يفعّل مراكز مهمة في الدماغ :

تشير “تامي كليغ”، مؤسسة البرنامج، إلى أن التأثير العلاجي للحصان لا يتعلق بالركوب فقط، بل بطريقة حركة الحصان وتردداته. تقول: “الحصان يحرّك جسم الطفل بطريقة تحاكي نمط المشي البشري، وهذا يفعّل مراكز عصبية مهمة في الدماغ”.
وتعرف هذه الطريقة باسم “العلاج بالركوب العلاجي” أو Therapeutic Riding، وهي تستخدم في حالات التوحد، ومتلازمة داون، والإصابات الدماغية.

دراسات علمية تؤكد فاعلية العلاج بالخيل:

وفقًا لجمعية العلاج بركوب الخيل الأمريكية (PATH Intl)، فإن الأطفال الذين يخضعون لهذا النوع من العلاج يظهرون تحسنًا في المهارات الحركية الدقيقة، والتركيز، والتفاعل الاجتماعي. كما أن البرنامج مجاني بالكامل ويعتمد على العمل التطوعي.

ومن أبرز ما يميز “Hoofbeats to Healing” أنه يقدم خدماته مجانًا تمامًا. كما أنه لا توجد إعلانات، ولا حملات تبرع رسمية، بل ينتشر فقط من خلال التوصيات الشخصية والتجارب المؤثرة.
تقول “كليغ”: “نحن لا نجمع تبرعات ولا نعلن. عندما تؤدي عملًا نابعًا من روحك، فإن الدعم يأتي تلقائيًا”.

العلاج بالخيول_تجربة العلاج بالخيول القزمة لكبار السن في سنغافورة

متطوعون يشاركون في برنامج العلاج:

يشارك في البرنامج متطوعون من خلفيات متعددة، منهم عائلات محلية ومبشرون من كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة. وتؤكد كليغ أن المتطوعين جزء أساسي من نجاح البرنامج، خاصة وأنهم يلتزمون بالمساعدة أسبوعيًا وباستمرار.

تجارب علاج ناجحة تمنح الأمل للمصابين بالتوحد والأمراض العصبية:

“كيفن لورنس”، أحد أولياء الأمور، قرر تسجيل ابنه “بيتر” المصاب بالتوحد في البرنامج، رغم أنه كان متردداً وقلقاً في البداية. لكنه لاحظ تحسنًا كبيرًا في سلوك ابنه، خصوصًا في الانتقال من مكان لآخر دون نوبات توتر.
يقول لورنس: “الفرق كان كبيرًا. لم أكن أتوقع كل هذا التحول”.

ولشدة تأثره بالتجربة، قرر تنظيم حفل موسيقي خيري لدعم البرنامج. سيُقام الحفل يوم الأحد 18 مايو في كنيسة كوتونوود المشيخية بمدينة موراي، بمشاركة نخبة من عازفي الأرغن المعروفين. وسيتحدث خلاله عن البرنامج ويشرح للجمهور كيف غيّر حياة ابنه.

الأثر الممتد للعلاج:

تشير كليغ إلى أن أثر العلاج لا يقتصر على الأطفال فقط، بل هو يشمل أسرهم أيضًا.
تقول: “عندما يبدأ الطفل في التحسن، تتغير حياة العائلة بأكملها. يبدأون برعايته بوعي وطمأنينة أكبر”.

إذ إن العلاج بالخيل يساعد في تقليل التوتر عند الوالدين، ويمنحهم أملًا جديدًا برؤية تحسّن حقيقي في حالة أبنائهم.
وفي مجتمعات تعاني من ضغوط الرعاية المستمرة، يمثل هذا النوع من الدعم النفسي والعملي فرصة نادرة.

تجارب العلاج بالخيل في العالم العربي:

رغم أن العلاج بالخيل لا يزال محدودًا في العالم العربي، إلا أن هناك تجارب فردية بدأت تنتشر في بعض الدول. مراكز مثل مركز الشفاء بركوب الخيل في السعودية، وجمعية الأمل في الأردن، وهي تقدم خدمات مشابهة. لكن التحدي الأساسي يظل في التمويل، وتوفير الخيول المدربة، والتأهيل العلمي للمشرفين على البرامج. ومع ذلك يمكن أن تستفيد المجتمعات العربية من تجربة “Hoofbeats to Healing” كنموذج ناجح يمكن تكييفه مع البيئة المحلية.
ومن الرائع ان يتم دعم هذا النوع من المبادرات من قبل الجمعيات الخيرية ووزارات الصحة والتعليم.

فوائد العلاج بالخيول
فوائد العلاج بالخيول

رسالة أمل للمصابين بالتوحد والأمراض العصبية وذويهم:

تقول الجدة “آمي جارفي” عن نجربة علاج حفيدها مع الخيول: “لا أستطيع أن أشكرهم بما فيه الكفاية. هذا البرنامج أعاد لنا الأمل”.
وتدعو كل من يمر بتجربة مماثلة أن يبحث عن برامج مشابهة، لأن الشفاء لا يأتي دائمًا من الجراحين والمستشفيات.
فأحيانًا، يأتي من صهيل حصان، وسرج مملوء بالأمل، ومزرعة تنبض بالحب.

المصادر:

موقع Hoofbeats to Healing

الجمعية الأمريكية للعلاج بركوب الخيل (PATH Intl): https://pathintl.org

تقرير KSL TV – “Horse therapy program in Utah helps children heal in unexpected ways”