ثلاث وفيات مأساوية في سباقات الخيول في تشيلتنهام تشعل الجدل حول سلامة الخيول، حيث صدرت دعوات كثيرة للقيام بتغييرات عاجلة في قوانين السباق. شهد مضمار سباق الخيول في تشيلتنهام يوم السابع عشر من نوفمبر 2024 أحداثًا مأساوية هزت مجتمع رياضة الفروسية، عندما توفيت ثلاث خيول في يوم واحد أثناء فعاليات سباق “نوفمبر المرموق”. هذا اليوم، الذي كان من المفترض أن يكون مليئًا بالإثارة والفرح لعشاق الرياضة، تحول إلى كارثة مدمرة، حيث توفيت الخيول “أبوفالو سولدير”، “بانجرز آند كاش”، و”نابر تاندي” في ظروف مشابهة.الأمر الذي أثار صدمة واسعة النطاق. مع هذا الحادث المأساوي، أثير مجددًا السؤال حول المخاطر التي تواجهها هذه الحيوانات في سباقات الخيول، مع دعوات لتشديد القوانين وتوفير حماية أكبر لها.
سلسلة من الحوادث المؤلمة في يوم واحد:
تبدأ القصة بمأساة “أبوفالو سولدير”، الحصان البالغ من العمر سبع سنوات الذي تمكن من الفوز في سباق “هولاند كوبر هانديكاب تشيس”. إلا أنه بعد لحظات قليلة من عبوره خط النهاية، انهار فجأة بينما كان الفارس شون بوين يجري مقابلة تلفزيونية مع قناة ITV Racing. .ورغم محاولات الطاقم البيطري لإنقاذه، إلا أن الحصان لفظ أنفاسه الأخيرة في مشهد مأساوي، حيث لم يكن هناك ما يمكن فعله.
لكن هذه المأساة لم تكن الوحيدة في هذا اليوم المأساوي. بعد وقت قصير من وفاة “أبوفالو سولدير”، تعرض الحصان “بانجرز آند كاش” للانهيار بعد اجتيازه السياج الرابع عشر في السباق الأمر الذي أدى إلى وفاته نتيجة الإصابات الخطيرة التي تعرض لها. ولم يمض وقت طويل حتى توفي الحصان “نابر تاندي” بعد سقوطه في سباق “جريت وود هانديكاب هوردلز”. كانت هذه الحوادث بمثابة صدمة للجميع، وقد أثارت موجة من الحزن العميق والقلق حول سلامة الخيول في سباقات الفروسية.
ردود الفعل العالمية دعوات لتغيير القوانين وتشديد الرقابة:
بعد هذه الحوادث، اشتعل الجدل حول المخاطر التي تواجهها الخيول في السباقات. حيث بدأت العديد من جماعات حقوق الحيوان ومنظمات رعاية الخيول في مطالبة السلطات باتخاذ خطوات فورية لتحسين سلامة الخيول وضمان رفاهيتها. من جانبه، تحدث كريس لوفينجهام، الرئيس التنفيذي بالإنابة لرابطة مناهضة الرياضات القاسية، حيث أكد على ضرورة إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة تتولى مسئولية ضمان رعاية الخيول بشكل أكبر. وقال: “هذه الحوادث تظهر مدى الحاجة إلى وجود قواعد أكثر صرامة تحمي هذه الحيوانات من الأذى. فموت أي حصان في السباق يجب أن يكون بمثابة تحذير للجميع، إذ لا ينبغي التضحية بالخيول لمجرد ترفيه الناس أو المقامرة”.
وقد أثار هذا الحادث أيضًا تساؤلات عديدة حول مدى فعالية الأنظمة الحالية في ضمان سلامة الخيول أثناء السباقات. وفقًا للعديد من الخبراء، فإن السباقات تشهد تعرض الخيول إلى ضغوط جسدية شديدة قد تؤدي إلى إصابات أو وفيات مفاجئة. وفي ظل ذلك، طالبت العديد من المنظمات بتحديث وتطوير اللوائح بشكل يضمن حماية أكبر للخيول وتحسين ظروف السباقات.
تحليل الأسباب المحتملة للحوادث؛ هل يمكن تجنبها؟
أحد الأسباب التي تم طرحها لتفسير هذه الحوادث هو فشل القلب والأوعية الدموية المفاجئ، وهي حالة صحية تؤدي إلى انهيار مفاجئ في الدورة الدموية أثناء ممارسة مجهود بدني شاق. في حالة الخيول، يمكن أن يظهر هذا النوع من الفشل على شكل نوبة قلبية أو تمزق في الأوعية الدموية، وهو ما قد يؤدي إلى الوفاة بشكل مفاجئ. الخبراء في الطب البيطري أشاروا إلى أن هذه الحوادث ليست نادرة كما يعتقد البعض، بل هي من الحالات التي يمكن أن تحدث في سباقات التحمل العالية الكثافة، حيث تتعرض الخيول لمجهود بدني شديد قد يتسبب في انهيار القلب والأوعية الدموية.
ليام كيرنز، كبير الأطباء البيطريين في تشيلتنهام، أوضح أن هذه الحالات تحدث في رياضات التحمل العالية الكثافة، سواء كانت في الخيول أو في البشر. وقال: “إن انهيار القلب والأوعية الدموية في الخيول يحدث عندما تتعرض هذه الحيوانات لمجهود بدني يفوق قدرتها على التحمل. هذه الحوادث مشابهة تمامًا لما يحدث مع بعض العدائين في الماراثونات، حيث يعانون من نوبات قلبية نتيجة للإجهاد الشديد”.
أهمية تحسين السلامة وتطوير القوانين الحالية:
إلى جانب المخاطر الجسدية التي تتعرض لها الخيول في السباقات، هناك أيضًا عامل آخر يتمثل في تراكم حمض اللاكتيك، والجفاف، وزيادة ضغط الدم أثناء المنافسات. هذه العوامل، إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح، يمكن أن تسهم في حدوث انهيارات قلبية مفاجئة. وكما أشار كيرنز: “حتى في حالات فشل القلب والأوعية الدموية، لا يمكن فعل الكثير لمنعها إذا كانت ناتجة عن الضغط الكبير على الجسم”.
إذن، ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان سلامة الخيول بشكل أكبر؟
من المتوقع أن تكون هذه الحوادث دافعًا لتغيير قوانين السباقات في المستقبل. يمكن أن تشمل هذه التغييرات توفير فحوصات طبية أكثر شمولًا قبل السباقات، وزيادة الوعي حول المخاطر المحتملة، وتقديم تدريب أفضل للمشاركين في السباقات لضمان أن يتم التعامل مع الخيول بشكل إنساني وآمن.
كيف نحمي الخيول بشكل أفضل؟
مع تزايد الضغط لتحسين اللوائح المتعلقة بسباقات الخيول، يشير العديد من الخبراء إلى أهمية إنشاء إجراءات أمان مشددة لضمان رفاهية الخيول أثناء السباق. من الضروري أن تتعاون الجهات المسؤولة عن رياضة الفروسية مع الأطباء البيطريين لتطوير حلول مبتكرة للحد من المخاطر. كما يجب على السلطات اتخاذ خطوات لتوعية المدربين والفلاحين بضرورة مراعاة صحة الخيول وتقديم الرعاية اللازمة قبل، أثناء، وبعد السباقات.
هيئة سباق الخيول البريطانية، التي أبدت تعازيها لجميع المعنيين بهذه الحوادث، قد أكدت في بيان لها أن “الخيول الثلاثة تمت رعايتها بشكل ممتاز طوال حياتها”. لذا هذه الحوادث ستظل تطرح تساؤلات كبيرة حول الإجراءات المتخذة لحماية هذه الحيوانات من المخاطر. كما تعهدت الهيئة بمواصلة العمل على فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الحوادث ومعالجة جميع العوامل التي قد تؤدي إلى تكرارها في المستقبل.
في ضوء ما سبق إلى أين تذهب رياضة الفروسية؟
تظل الحوادث المأساوية في تشيلتنهام تثير تساؤلات حول مدى كفاية الإجراءات المتخذة لحماية الخيول وضمان رفاهيتها. على الرغم من وجود جهود بيطرية متقدمة، تبقى الأسئلة مطروحة حول ما إذا كانت هذه الرياضة قادرة على تحقيق التوازن بين الإثارة الرياضية وحماية حياة الحيوانات. في الوقت نفسه، تظل الحاجة ملحة لإدخال تغييرات عاجلة في القوانين الحالية لضمان سلامة الخيول وتجنب المزيد من الحوادث المأساوية في المستقبل.
المصدر:
قواعد سباقات الخيول: كل ما تريد معرفته عن الأسس والقواعد التنظيمية للسباق
كيف تسوق أعمالك في مجال الخيول؟
“صناعة الخيول” من منظور عالمي
10 قواعد صحية يجب مراعاتها في رعاية الخيول
أبرز الخيول الغربية في عام 2025
Leave a Reply