هل يعقل أن الخيول تتنصت على البشر ؟! هذا ما كشفته دراسة حديثة أكدت أن الخيول قد تتعلم من “التنصت” على تفاعلات البشر مع بعضهم البعض.
تفاصيل الدراسة:
نشرت الكاتبة إليانور جونز عبر موقع “هورس آند هاوند” (Horse & Hound) بتاريخ 28 أبريل 2025 تقريرًا مهمًا يلقي الضوء على جانب غير متوقع من سلوك الخيول. فقد توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن الخيول قد تمتلك القدرة على التعلم من خلال “التنصت” أو المراقبة الدقيقة للتفاعلات التي تحدث بين البشر. وهو ما يفتح آفاقًا واسعة لفهم سلوكيات الخيول بشكل أعمق وأفضل.

الخيول تراقب البشر وتتعلم منهم بطريقة اجتماعية:
فقد أجرى فريق من الباحثين من جامعات ألمانية واسكتلندية هذه الدراسة، حيث اكتشفوا فيها أن الخيول قادرة على تغيير استراتيجياتها الغذائية. وهي تقوم بذلك استنادًا إلى مشاهدتها لعروض يقوم بها البشر، حتى دون وجودهم لاحقًا في نفس المكان.
وقد قادت الدراسة الباحثة كونستانزي كروجر (Konstanze Krueger)، المتخصصة في علم الحيوان والسلوك الحيواني. حيث ركزت التجربة على 17 حصانًا تتراوح أعمارهم بين أربعة و28 عامًا، موزعين في خمس إسطبلات خاصة مختلفة.
كيف تمت التجربة؟
في التجربة، تمت دعوة الخيول لمراقبة مشهد يتضمن اثنين من البشر. حيث كان أحد الأشخاص يأخذ قطعًا من الجزر من دلوي طعام، بينما يعبر الشخص الآخر إما عن الموافقة أو الرفض، باستخدام لغة الجسد ونبرات الصوت الملائمة كما يتعامل البشر عادة مع الخيول.
وعندما كان الشخص يأخذ الجزر من أحد الدلوين، كان رفيقه يظهر موافقته باستخدام إشارات جسدية إيجابية وكلمات تحفيزية. أما إذا أخذ الجزر من الدلو الآخر، كان يظهر رفضه عبر تغيير وضعيته ونبرة صوته إلى لهجة نافية حادة.
بعد ست جلسات من المراقبة، تم منح الخيول حرية الدخول لاختيار دلو الطعام المفضل لديها. المثير للاهتمام أن الخيول كانت قد اعتادت مسبقًا تناول الطعام من كلا الدلوين بالتساوي، مما يجعل التغيير الذي حدث دالًا على عملية تعلم اجتماعية حقيقية.
نتائج مثيرة ودلالات علمية مهمة:
كشفت النتائج أن 12 حصاناً من أصل 17 قد أظهرت تغيرًا ملحوظًا في تفضيل دلو التغذية بناءً على مشاهدتها لتفاعل البشر مع بعضهم البعض.
وهذه النتيجة تشير إلى أن الخيول لا تتعلم فقط من البشر بطريقة مباشرة عبر التدريب، بل قد تكون قادرة أيضًا على استنتاج معلومات مهمة من تفاعلات البشر اليومية، حتى عندما لا يكون هناك تدريب مباشر. وأما فيما يتعلق بظروف الإقامة، فقد كان هناك اختلاف ملحوظ بين الخيول التي تعيش في مجموعات اجتماعية وتلك التي تعيش في مساكن فردية. حيث لاحظ الباحثون أن الخيول التي تقيم في بيئات اجتماعية كانت أكثر قدرة على التكيف مع العروض البشرية مقارنة بتلك المعزولة في صناديق فردية.
تصريحات الفريق البحثي:
قال الفريق البحثي في تعليقهم على النتائج:
“تشير هذه الدراسة لأول مرة إلى أن بعض الحيوانات تغير استراتيجياتها الغذائية بناءً على التنصت على تفاعلات البشر مع بعضهم البعض. ويبدو أن هذا التغيير يعتمد بدرجة ما على الخبرة الاجتماعية الموجودة لدى الخيول.”
كما أشار الباحثون إلى أن الخيول كانت أكثر تأثرًا ببعض العارضين من البشر مقارنة بغيرهم، وهو ما قد يرتبط بدرجة الألفة أو الثقة المسبقة بين الحصان والإنسان.
أهمية النتائج وتأثيرها على فهم العلاقة بين البشر والخيول:

يفتح هذا الاكتشاف مجالًا واسعًا من التساؤلات حول مدى تأثر الخيول بتصرفات البشر اليومية غير المقصودة. فإذا كانت الخيول قادرة على مراقبة البشر واستنتاج معلومات تؤثر على سلوكها، فهذا يعني أن تعامل البشر مع بعضهم البعض أمام الخيول قد يؤثر على علاقتهم المستقبلية معها.
ولذا فقد شدد الفريق العلمي على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاستكشاف مدى دوام هذا التغير السلوكي مع مرور الوقت، في حال لم تتكرر العروض البشرية.
كما اقترحوا دراسة مدى إمكانية ترسيخ هذا النوع من التعلم على المدى الطويل، الأمر الذي قد يكون له تبعات هامة في تدريب الخيول وفي فهم كيفية التواصل العابر للأنواع.
تؤكد لنا هذه الدراسة أن الخيول مخلوقات ذكية، تتفاعل مع بيئتها وتتعلم من مراقبة البشر من حولها. كما أظهرت التجربة أن الخيول قادرة على تعديل سلوكها الغذائي وذلك بناءً على ملاحظتها لتصرفات البشر. حيث تبين أن البيئة الاجتماعية للخيول تلعب دورًا مهمًا في تعزيز قدرتها على التعلم من خلال الملاحظة.
إن هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة العميقة بين كلٍّ من الخيول والبشر، وتطوير طرق تدريب أفضل. إذ تشير الدراسة إلى أهمية أن ينتبه البشر إلى سلوكهم أمام الخيول، حتى في الأوقات التي لا يقومون بها بالتدريب المباشر.
كما تؤكد نتائج البحث أن الخيول ليست مجرد متلقية للأوامر، بل تمتلك القدرة على الملاحظة والانتباه والتعلم بذكاء.
بالتالي تشجع هذه النتائج على تعزيز التجارب الاجتماعية للخيول وتحفيز تفاعلها مع محيطها بشكل إيجابي.
تحتاج هذه الظاهرة لمزيد من الدراسات لفهم مدى عمق وتأثير هذا النوع من التعلم على المدى الطويل. إن مستقبل التواصل مع الخيول يبدو أكثر وعدًا وفهمًا مما كنا نتوقعه سابقًا
المصدر:
horseandhound.com
أغلى الخيول العربية المباعة في العالم.. لمحة عن الأسعار والمواصفات
أسعار الخيول في الرياض 2025: نظرة شاملة على السوق وأشهر المزارع
استخدام المهدئات في تدريبات الخيول يثير القلق في صناعة السباقات
كيف تؤثر التعريفات الجمركية الأمريكية على تجارة الخيول الأصيلة؟ وما علاقتها بأسواق الخيل العربية؟
Leave a Reply