تنشط في هذه الفترة سباقات الخيول العربية في شمال سوريا وتحديداً في رأس العين وتل أبيض وذلك على الرغم من وجود التحديات. فبرغم الظروف الاقتصادية الصعبة وغياب الدعم الرسمي. يواصل مربو الخيول في هاتين المنطقتين تنظيم سباقات محلية بشكل دوري، مستخدمين إمكانياتهم الذاتية للحفاظ على هذا الإرث الثقافي الممتد لأكثر من قرنين.
بطولة رأس العين للخيول العربية:
في 9 حزيران 2025، استضافت منطقة ريف رأس العين سباقًا جديدًا ضمن بطولة “رأس العين للخيول العربية”، التي تقام بجهود شخصية دون أي دعم من مؤسسات حكومية أو منظمات رياضية. ومع ذلك يحصل الفائزون في هذه البطولة على كؤوس وميداليات مقدمة من مكتب الرياضة والشباب في المجلس المحلي، فيما تبقى بقية التكاليف على عاتق المربين.
لماذا تقام هذه البطولات؟
يسعى المشاركون في هذه البطولات لعرض قدرات خيولهم الأصيلة بهدف رفع قيمتها في السوق. وفق شهادات من مربين محليين، يرتفع سعر الحصان الفائز من 3000 دولار إلى أكثر من 7000 دولار. وبالتالي فإن هذا الفارق يعكس أهمية السباقات في تعزيز القيمة الاقتصادية للخيول.
40 حصاناً عربياً أصيلاً:
تشير التقديرات المحلية إلى وجود نحو 40 حصانًا عربيًا أصيلًا في رأس العين وتل أبيض، 25 منها في رأس العين و15 في تل أبيض. لا تتوفر بيانات رسمية دقيقة، مما يبرز الحاجة إلى إنشاء سجل وطني لحصر وتوثيق هذه الثروة الحيوانية المهمة.
موروث عائلي ومخاطر تهدد استمراريته:
شحاذة العيفان، مربٍ من رأس العين يبلغ من العمر 45 عامًا، يملك خمسة أحصنة عربية. وقد ورث تربية الخيول من والده وجده، ويعتبرها جزءًا لا يتجزأ من هويته العائلية. يتحمل شحاذة تكاليف الرعاية اليومية، بما فيها العلف والعلاج، رغم غياب الأطباء البيطريين المتخصصين.
ضعف التنظيم وغياب ميدان مجهز:
يقول شحاذة إن السباقات تعاني من ضعف التنظيم وغياب ميدان مجهز أو لجان تحكيم مستقلة. يضيف أن الفرسان والخيول يتعرضون لمخاطر بسبب غياب خدمات الإسعاف والتأمين الطبي. رغم كل ذلك، يستمر في المشاركة للحفاظ على تقاليد الفروسية.
يشير إلى أن المربين يأملون أن تنشئ الحكومة الجديدة مضمارًا خاصًا في رأس العين، يحفظ تاريخ الخيول الأصيلة في المنطقة ويضمن بقاء هذا الإرث للأجيال القادمة. يحذر من أن استمرار غياب الدعم قد يؤدي إلى اندثار هذا التراث.
غياب تسجيل الأنساب يهدد السوق:
مصطفى العايد، مربٍ من تل أبيض يبلغ من العمر 56 عامًا، يعمل في تربية الخيول منذ أكثر من 20 عامًا. يوضح أن تسجيل الأنساب يعد أمرًا أساسيًا لضمان النسب الحقيقي للخيول وحمايتها من التلاعب. يملك مصطفى سبعة أحصنة، أربعة منها مسجلة في المنظمة العالمية للخيول العربية “WAHO”، بينما بقيت ثلاثة دون تسجيل منذ 2013 بسبب صعوبة الإجراءات خلال الحرب.
يؤكد مصطفى أن التسجيل يمنح الحصان ختمًا ورقمًا دوليًا يسهل تسويقه وبيعه دوليًا. ويعتبر أن غياب التسجيل قد يؤدي لخسائر مالية كبيرة. يعاني مربو الخيول من انخفاض كبير في أسعارها، حيث تراجعت أسعار المسجلة من 5000 إلى 2600 دولار، أما غير المسجلة فتتراوح بين 1000 و1500 دولار فقط.
ينظم مصطفى سباقات محلية كل 15 يومًا بالتعاون مع مربي الخيول في بلدة سلوك، في محاولة للحفاظ على تقاليد الفروسية، رغم ضعف الإمكانيات وانعدام الدعم المؤسسي.
مشاكل صحية تهدد حياة الخيول:
تعاني الخيول في المنطقتين من غياب الرعاية الطبية البيطرية. الطبيب البيطري قصي العلي من تل أبيض قال إن الخيول تعاني من أمراض متعددة. مثل التهابات الأوتار، ومشكلات في الجهازين التنفسي والهضمي، إضافة إلى الجروح الناتجة عن السباقات.
يشير العلي إلى أن عدم وجود فحوصات دورية أو أدوية متوفرة يزيد من تدهور صحة الخيول، ويساهم في ارتفاع معدلات النفوق. بين عامي 2020 و2025، سجلت تل أبيض سبع حالات نفوق، بينما سجلت رأس العين تسع حالات بسبب ضعف الرعاية الصحية.
يؤكد أن المنطقة تفتقر إلى أطباء بيطريين مختصين، ولا توجد مراكز بيطرية مجهزة للتعامل مع الحالات الطارئة أو الأمراض المنتشرة. هذا الوضع يؤثر بشكل مباشر على استمرارية تربية الخيول في المنطقة.
جهود محلية محدودة ومطالبات بالدعم:
مجد كسار، مدير الزراعة والثروة الحيوانية في رأس العين، أوضح أن تربية الخيول تمثل تقليدًا قديمًا في المنطقة يعود لأكثر من 200 عام. وقد أشار إلى أن المجلس المحلي حاول دعم المربين عبر توزيع الأعلاف بأسعار مدعومة خلال الجفاف عام 2022، حيث بيع الكيلو بسعر ثلاث ليرات تركية، أي ما يعادل 700 ليرة سورية حاليًا.
يقول كسار إن المجلس وضع خطة لإنشاء مضمار للخيول، لكنها لم تُنفذ بسبب ارتفاع التكاليف وقلة الخبرات الفنية. يضيف أن المجلس يركز حاليًا على توفير الأعلاف والأدوية، لكنه يقر بصعوبة تغطية جميع احتياجات المربين في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.
أشهر السلالات في المنطقة:
تشتهر الخيول العربية في رأس العين وتل أبيض بأسماء تاريخية مثل الكحيلان، الصقلاوي، العبيسي، والمغوي. تلعب هذه الخيول دورًا مهمًا في سباقات التحمل وقفز الحواجز والعروض التراثية. يرى المربون أن الحفاظ على هذه السلالات مسؤولية جماعية تتطلب دعمًا حكوميًا وتعاونًا من الجهات المختصة.
إذا استمرت الظروف الحالية دون تدخل عاجل، قد تواجه الخيول العربية الأصيلة في شمال سوريا خطر الانقراض المحلي. يدعو المربون الجهات الرسمية والمنظمات الدولية إلى دعم مشاريع تسجيل الأنساب، وإنشاء مراكز رعاية بيطرية، وتنظيم سباقات رسمية تحفظ سلامة الفرسان والخيول معًا.
المصادر:
عنب بلدي
تصريحات من مدير الزراعة ومكتب الرياضة والشباب
قائمة المشاركين في كأس قطر لسباقات الخيل العربية الأصيلة
برنامج الموسم الجديد من سباقات الطائف 2025 كما أعلنه نادي سباقات الخيل
قصة كيبريوس الحصان الذي عاد من الموت ليصبح أسطورة في سباقات التحمل
الفارس السعودي حمود الشمري: مسيرة حافلة بالإنجازات في سباقات القدرة والتحمل
Leave a Reply