سباقات الخيل احتفالاً بالمولد النبوي في الأقصر

افتتح أهالي الأقصر احتفالاتهم بالمولد النبوي الشريف من خلال سباقات الخيول وبالتحديد سباقات المرماح. وقد بدأ أهالي محافظة الأقصر احتفالاتهم بذكرى المولد النبوي الشريف في منطقة منشأة العماري بمدينة الأقصر. وحسب التقليد السنوي فإن الاحتفالات تتجدد مع بداية ليالي شهر ربيع الأول. وتستمر هذه الاحتفالات لمدة أسبوعين، تشهد خلالها أنشطة متعددة تجمع ما بين الطابع الديني والجانب التراثي والاجتماعي.

سباقات المرماح في مقدمة الفعاليات:

افتتحت الاحتفالات بسباقات المرماح، وهي سباقات الخيول الشعبية التي تعد من أبرز مظاهر المولد في صعيد مصر. وقد شارك عدد كبير من الفرسان الذين جاؤوا من قرى الأقصر ومحافظات الصعيد المختلفة فيها. حيث جرت المنافسات في ساحة واسعة بالقرية وسط حضور جماهيري متنوع من الرجال والنساء والأطفال.
ومن اللافت للنظر أن سباقات المرماح لا تقتصر على الجانب الترفيهي، بل إنها تمثل أيضا مظهراً من مظاهر ارتباط المجتمع في الصعيد بالخيول العربية والتراث البدوي، حيث تحظى الخيول بمكانة كبيرة في الثقافة المحلية.

أجواء احتفالية تجمع مختلف الأجيال:

تميزت فعاليات اليوم الأول بمشاركة واسعة من الأهالي والزائرين. الأجواء جمعت بين كبار السن والشباب والأطفال، في مشهد يجسد استمرارية هذه التقاليد. حيث تعدد الأجيال المشاركة يوضح أن المولد النبوي في الأقصر ليس مجرد مناسبة دينية بل مناسبة اجتماعية شاملة. كما أن التجمعات الكبيرة في ساحة القرية تحولت إلى ملتقى للتعارف وتبادل الزيارات بين الأهالي، الأمر الذي يزيد من تعزيز قيم الترابط الاجتماعي في المنطقة.

الفعاليات التراثية المرافقة للحدث:

لم تقتصر الأنشطة على سباقات المرماح، بل شملت عروض التحطيب التي يؤديها شباب القرية، إلى جانب ما يعرف بـ”صينية الخيول”، وهي عادة شعبية يقدم فيها الأهالي الطعام للفرسان والضيوف.
هذه الفعاليات المتنوعة تعكس عمق العادات والتقاليد الشعبية في صعيد مصر، حيث يحرص الأهالي على دمج الرياضة الشعبية والفنون التراثية في الاحتفالات الدينية.

المرماح كجزء من الهوية الثقافية:

ينظر إلى المرماح في الأقصر باعتباره أكثر من مجرد سباق خيول. فهو طقس اجتماعي يرسخ قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية. ويقام المرماح عادة في المناسبات الكبرى مثل المولد النبوي والأعياد، وهو يستقطب آلاف الزائرين من خارج المحافظة.
فوفق دراسات ميدانية حول التراث الشعبي في الصعيد، يعد المرماح واحداً من العناصر الثقافية التي تمثل استمرارية للتقاليد القبلية القديمة، إذ ارتبطت الفروسية دوما بالقوة والشجاعة والمكانة الاجتماعية.

ينظر إلى المرماح في الأقصر باعتباره أكثر من مجرد سباق خيول. فهو طقس اجتماعي يرسخ قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية.
ينظر إلى المرماح في الأقصر باعتباره أكثر من مجرد سباق خيول. فهو طقس اجتماعي يرسخ قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية.

الأبعاد الدينية والاجتماعية للاحتفال:

احتفالات المولد النبوي في الأقصر تتداخل فيها الجوانب الدينية مع الاجتماعية. ففي النهار تقام حلقات ذكر ومدائح نبوية في بعض الساحات، بينما في المساء تنشط الفعاليات الشعبية مثل المرماح والتحطيب. هذا التنوع والتوازن يمنح الاحتفال خصوصية تجعل منه حدثا يجمع جميع فئات المجتمع.
الاحتفال أيضاً يشكل فرصة اقتصادية للأسر البسيطة، حيث تنتشر الأكشاك لبيع المأكولات والمشروبات الشعبية، ويعرض بعض الحرفيين منتجات يدوية تقليدية للزائرين.

المشاركة النسائية ودور الشباب:

تشهد احتفالات المولد في الأقصر حضورا ملحوظا للنساء اللاتي يحرصن على مرافقة أبنائهن إلى ساحات المرماح. وجود النساء يعكس طابعا ً أسرياً للمناسبة، حيث تجتمع العائلات بكامل أفرادها.
كما أن الشباب يمثلون العمود الفقري للفعاليات، سواء بالمشاركة في عروض التحطيب أو بالمساهمة في تنظيم التجمعات. هذا الدور المتنامي للشباب يساعد على ضمان استمرار هذه التقاليد في المستقبل.

السياحة والتراث في الأقصر:

الأقصر مدينة سياحية عالمية، ومثل هذه الفعاليات الشعبية تمنح الزائرين فرصة للتعرف على جوانب أخرى من الحياة المحلية بعيدًا عن المواقع الأثرية المعروفة.  فالملاحظ أن بعض السياح يحرصون على حضور سباقات المرماح لتوثيقها بالصور والفيديو، ما يضيف بعداً ثقافياً وسياحياً للاحتفال.
وزارة الثقافة المصرية كانت قد أشارت في تقاريرها إلى أهمية دعم مثل هذه الفعاليات، لأنها تعزز التنوع الثقافي وتسهم في إبراز التراث غير المادي لمصر.

استمرارية التقاليد عبر الأجيال:

رغم التغيرات الاجتماعية التي شهدها المجتمع المصري خلال العقود الماضية، ما زالت احتفالات المولد في الأقصر تحافظ على شكلها التقليدي إلى حد ٍ كبير. يفسر الباحثون ذلك بكونها مرتبطة بالقيم المجتمعية الأساسية مثل التضامن والتكافل.
استمرار المرماح والتحطيب وصينية الخيول يوضح أن التقاليد الشعبية قادرة على البقاء، بل واكتساب أبعاد جديدة مع انخراط الأجيال الشابة فيها.

إن احتفالات المولد النبوي الشريف في الأقصر، التي افتتحت بسباقات المرماح في منشأة العماري، تجسد مزيجاً فريداً لاندماج الفروسية مع التراث والمجتمع. فسباقات الخيول، وعروض التحطيب، وصينية الخيول جميعها ممارسات شعبية تثبت أن المولد النبوي في الصعيد ليس مجرد ذكرى دينية، بل حدث اجتماعي وثقافي متجدد.
الأجواء التي جمعت آلاف الأهالي والزوار من مختلف الأعمار تؤكد أن هذه التقاليد ما زالت جزءاً حياً من الحياة اليومية في الصعيد، وتمثل عنصراً مهماً في الهوية الثقافية للأقصر.

المصادر:

اليوم السابع

صحيفة الشروق المصرية

دراسات التراث الشعبي – الهيئة العامة لقصور الثقافة

السيلينيوم: حجر الزاوية في صحة الخيول عبر جميع المراحل

مزاد علني لبيع 13 حصان في المزاحمية تنظمه وزارة البيئة والمياه والزراعة

العناية بأسنان الحصان شرط أساسي لصحته وتحسين أدائه اليومي

مونديال الخيول الصغيرة للقدرة في فرنسا كيف كان وقع الحضور العربي فيه؟

الفارس العراقي فالح الدليمي يفوز في بطولة فالكنسورد الدولية للفروسية