لف و تغليف أرجل الحصان هل هو ضروري؟

تعتمد قوة الحصان على قوة أرجله، فهل تعد حماية أرجل الحصان من الأمور الضرورية؟ وما هو  الضرر المحتمل وقوعه في حال لم تطبق هذه الحماية؟

 أرجل الحصان أكثر أجزائه حساسية:

تعد أرجل الحصان من أكثر أجزاء جسده حساسية، وذلك على الرغم من قوتها الظاهرة. فالعظام الصلبة، والمفاصل المعقدة، والأوتار الطويلة، والجلد الضعيف من ناحية التروية الدموية.. كلها عرضة لإصابات قد تكون مؤلمة وطويلة الأمد في التعافي. لهذا، يلجأ كثير من الفرسان إلى استخدام الأحذية الواقية (Protective Boots) والأغطية واللفافات (Wraps) بهدف الحماية. ولكن هل هذا الإجراء آمن فعلاً؟ أم أنه قد يحمل في طياته مخاطر غير مرئية؟

في هذا المقال، نُلقي نظرة فاحصة على الحقائق العلمية والتجارب العملية التي تتناول فوائد ومخاطر تغليف أرجل الحصان، بناءً على ما نشره موقع TheHorse.com بتاريخ 19 مايو 2025، للكاتبة المتخصصة كريستا ليستي لاسير.

أول المخاطر المحتملة لتغليف أرجل الحصان:

أظهرت دراسة أجريت عام 2022 في جامعة ولاية تينيسي الوسطى أن أرجل الخيول المغطاة تسجل درجات حرارة أعلى من تلك العارية. وهذا الارتفاع، كما أوضح الباحث لوكاس بروك، ناتج عن انخفاض التبريد الطبيعي الناتج عن الحمل الحراري خلال التمرين. وقد أثارت هذه النتائج جدلاً واسعًا، حيث عبّر العديد من الفرسان عن قلقهم من احتمال أن تسبب اللفائف والأحذية بارتفاع خطير في حرارة الأوتار لأرجل أحصنتهم.

ومع ذلك، يؤكد الطبيب البيطري براد هيل من ميشيغان، أن الدراسة لم تبحث في تأثير هذه الحرارة على الأوتار نفسها. فالعوامل مثل نوع المادة المستخدمة، والحجم، والطقس، وطول الاستخدام، كلها قد تؤثر على النتيجة. ويضيف أن 90% من عملائه يستخدمون هذه الوسائل أثناء تدريب الخيول، دون أن يرصد علاقة مباشرة بين استخدامها وحدوث إصابات بوتر المثنية الرقمية السطحي (SDFT).

علاوة على ذلك، نجح العديد من الفرسان في تخفيف تورم الأرجل المزمن باستخدام مراهم دافئة أو لفافات حرارية. وفي الماضي، كان يستخدم تغليف الأرجل عمدًا لتدفئتها في الطقس البارد، لتحفيز تدفق الدم ومنع الإصابات، كما تشير الدكتورة سيمون ويسترمان من جامعة فيينا.

هل حرارة الأوتار بالفعل مقلقة؟

درجة حرارة الأوتار، بطبيعتها، تكون أعلى من الأنسجة المحيطة بمعدل 1.4 درجة فهرنهايت. وقد تصل خلال التمرين المكثف إلى 110 فهرنهايت حتى دون استخدام أي حماية. لكن العلم لم يحسم بعد إن كان هذا الارتفاع بفعل الأحذية مضرًا.

الدكتور ديفيد مارلين، خبير علوم الخيول في المملكة المتحدة، يشير إلى أن ارتفاع حرارة الأوتار قد يسبب تلف خلاياها وموتها، ما يؤدي إلى التهابات وضعف في بنيتها. وفي الطب البشري، ارتبطت الحرارة المفرطة بإصابات وتر العرقوب (Achilles Tendon).

 

تنصح مارلين بالاعتماد على التبريد المباشر بعد التمرين باستخدام الماء البارد، أو الثلج، أو أحذية التبريد (Ice Boots)، حتى في حال عدم ظهور علامات التورم، وذلك من أجل خفض الحرارة المتراكمة.

أشياء لا تساوم عليها للحفاظ على صحة الخيل

اختيار الأحذية واللفائف المناسبة:

السوق مليء بالخيارات، لكن قلة الدراسات تجعل اتخاذ القرار صعبًا. يرى مارلين أن القرار يجب أن يتخذ بناءاً على احتياجات كل حصان وليس على الموضة. فخيول الترويض (Dressage) مثلاً هي في الغالب لا تحتاج إلى حماية مقدمة الأرجل، بينما قد تستفيد خيول القفز من عدم تغطية المقدمة لتحسين إحساسها بالعوائق.

وتتنوع المواد بين الجلود التي تبدو أنيقة لكنها قد تتمدد أو تتصلب بشكل غير متساو، والنيوبرين (Neoprene) المبطن الذي يعد مريحًا لكنه يحتفظ بالحرارة والرطوبة. أما لفائف البولو (Polo Wraps)، فهناك انقسام حول فائدتها، لكن عند استخدامها بشكل معتدل ومحكم، قد تكون مناسبة لبعض الخيول. كما ينبغي الانتباه إلى أن بعض المنتجات التي تدعي قدرتها على “سحب الحرارة” من الأرجل لا تستند إلى دلائل علمية.

لماذا لا توجد معايير لحماية أرجل الحصان؟

يتساءل مارلين: إذا كانت هناك معايير واضحة لخوذ وواقيات جسم الفرسان، فلماذا لا توجد للواقيات التي تستخدم لحماية أرجل الخيول؟ فالأحذية، برأيه، تعد أهم أداة حماية تستخدم بشكل يومي تقريبًا. ويطالب بتوحيد اختبارات الجودة والفعالية لحماية الأرجل، بحيث يمكن للفرسان أن يثقوا في المنتجات المعروضة بالأسواق، بدلًا من الاعتماد على شعارات الشركات.

الفائدة الوقائية للأحذية واللفائف:

رغم الجدل، يتفق معظم الخبراء على أن الأحذية واللفائف توفر حماية جيدة من الإصابات الناتجة عن الاصطدام أو الحوادث الرضحية. فهي تشبه واقيات الساق التي يستخدمها  الرياضيون البشر، وهي تحمي العظام والأنسجة من الجروح والكسور. ووفقًا لهيل، فإن اصطدام ساق بأخرى قد يسبب كسرًا في “عظمة الجبيرة” أو جرحًا خطيرًا، ويمكن للأحذية أن تخفف هذه المخاطر.

لكن طريقة امتصاص الصدمة تختلف حسب المادة. فلوح فولاذي قد يمنع الثقب، لكنه قد ينقل ارتجاجًا قويًا إلى الأوتار. في المقابل، المواد المطاطية الناعمة تمتص الصدمة بلطف، لكنها لا تمنع الجروح بفعالية.

وقد أجرى فريق مارلين تجارب لقياس مدى فعالية كل نوع من الأحذية واللفائف، باستخدام نفس التقنية التي تستخدم لاختبار خوذ وواقيات الجسم. وتشير النتائج الأولية إلى وجود تفاوت كبير في كفاءة الحماية بين المنتجات المختلفة.

اصطدام ساق بأخرى قد يسبب كسرًا في “عظمة الجبيرة” أو جرحًا خطيرًا، ويمكن للأحذية أن تخفف هذه المخاطر.

اللفائف ليست علاجًا:

من المهم أن يدرك الفرسان أن اللفائف الرياضية والأحذية لا تستخدم كوسائل علاجية، ولا تغني عن الأجهزة الطبية المتخصصة التي يستخدمها الأطباء البيطريون للعلاج أو التأهيل. فالأجهزة العلاجية مثل لفافات الدعم والضمادات العلاجية أو الأحذية المقيدة للحركة، تستخدم فقط تحت إشراف طبي، وتخدم أغراضًا محددة مثل منع التمدد الزائد للوتر أو تثبيت المفصل أثناء التعافي.

إذاً هل يجب استخدام الأحذية واللفائف؟

القرار في النهاية يعود إلى الفارس، بناءً على طبيعة الحصان، ونوع التمرين، والبيئة المحيطة، والتاريخ الطبي للحصان. الأبحاث الحالية لا تقدم إجابة قاطعة، لكنها تحذر من مخاطر ارتفاع حرارة الأوتار. في الوقت نفسه، تشير التجارب الميدانية إلى أن الفوائد الواقية للأحذية واللفائف في منع الإصابات الرضحية تعد ذات أهمية كبيرة.

مبادئ الاستخدام الآمن لأحذية ولفائف حماية أرجل الحصان:

يجب على كل فارس أن يُقيّم احتياجات حصانه بعناية، وأن يلتزم بمبادئ الاستخدام الآمن، مثل:

  • عدم ارتداء الأحذية لفترة طويلة.
  • نزعها مباشرة بعد التمرين.
  • تبريد الأرجل بعد التمرين لتقليل الالتهاب.
  • اختيار منتجات عالية الجودة معروفة بفعاليتها.
  • كما يستحسن متابعة الأبحاث المستقبلية في هذا المجال، لأنها ستسهم بشكل كبير في توضيح المخاطر والفوائد، وربما تؤدي إلى إنشاء معايير موحدة لحماية أرجل الخيول.

المصادر:

TheHorse.com – مقال “Horse Leg Protection: Yea or Nay?”

دراسات جامعة ولاية تينيسي الوسطى، وجامعة فيينا

معدات الوقاية الشخصية إلزامية للمتعاملين مع الخيول

إصابات جديدة بإنفلونزا الخيول فما هي الإجراءات الوقائية؟

قصة إصابة “الساحر الفضي”… عندما تتحول الخيول من أبطال إلى مرضى

هل يجب التوقف عن استخدام الخيول في الأنشطة الرياضية؟