انتهت منذ أيام الدورة السابعة للتبوريدة، فما هي التبوريدة التي تجسد سحر الفروسية المغربية. التبوريدة هي أسلوب لركوب الخيل موجود منذ فترة طويلة في المغرب العربي وهو عنصر أساسي في ثقافة البلاد. إذ يقوم الناس في المناطق الريفية المغاربية بالتبوريدة بانتظام وذلك للاحتفال بالمناسبات الوطنية والدينية. وتعرف التبوريدة أيضًا باسم “لعبة البارود”، وهي تحاكي هجومًا عسكريًا لسلاح الفرسان.
ماذا تشمل التبوريدة؟
تشتمل هذه السباقات القصيرة بشكل أساسي على خيول خفيفة ترتدي أحزمة احتفالية ملونة. ويكون الهدف من الحدث هو إنهاء السباق بإطلاق بندقية في الهواء مع سماع طلقة واحدة فقط. وبحسب المنطقة التي تتم فيه لعبة البارود، يتم تنفيذ اللقطات إما في اتجاه السماء أو إلى الأسفل. أما الفرسان فهم يرتدون لباساً خاصاً ومحدداً بهذه المناسبة. ويشارك الفرسان من مختلف أنحاء المغرب، وتكون كل جهة من هذه الجهات ممثلة بـ«السربة». بالإضافة إلى أنه يقام في التبوريدة معارض رفيعة المستوى، حيث يتم تقييم الفرق المشاركة بناء على معايير دقيقة تراعي لباس الفرسان ومهارة التعامل مع البنادق وتزامن الطلقات.
فما هو أصل التبوريدة؟
كما ذكرنا التبوريدة، مشتقة من كلمة البارود، وهي فن من فنون الفروسية مغرق في القدم. إذ يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر. وفكرتها الساسية هي إعادة بناء هجوم عسكري من قبل المحاربين العرب والأمازيغ. وتتميز التبوريدة ببعد روحي قوي فقد تم تناقلها من جيل إلى جيل. كما أن الحصان كائن له مكانة مميزة في التاريخ الإسلامي. لا تبهر “التبوريدة” الجمهور المغربي فقط بل الجمهور العالمي أيضاً فقد تمَّ إدراجه منذ سنة 2021، ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”. وترتبط التبوريدة بالأعياد والمواسم الزراعية والعديد من الاحتفالات الوطنية والعائلية. فرقة تبوريدة والتي تسمى سوربا تتألف من 11 إلى 15 فارسًا. يرأسها المقدم الذي يقع في وسط الجيش وهو الذي يقوم بتنسيق حركة الرجال والخيول. يقام العرض على مسار يسمى المحرق بطول 150 إلى 200 متر.
ملابس الدراجين التقليدية في التبوريدة:
قفطان متجانس بسيط أو مطرز، السروال التقليدي، السلهام، العباءات الصوفية الكبيرة، رضا، العمائم مرفوعة على الرأس، تماغة، أحذية الفروسية التقليدية، دليل الخيرات، ويكون القرآن الكريم موجود في حقيبة صغيرة، بالإضافة إلى خنجر موجود في غمده.
متى يكون موسم التبوريدة في المغرب؟
تقام مسابقات التبوريدة كل سنة في جميع أنحاء المغرب. هذه المسابقات تعتمد على موهبة الدراجين واحترام القواعد. وتقام المنافسات الجهوية ثم الوطنية على مدار السنة في جميع الأراضي المغربية. وتقام المباراة النهائية في كأس الحسن الثاني بدار السلام خلال أسبوع الخيل. يتكون عرض التبوريدة من جزأين رئيسيين:
الحدة: التحية والتعامل مع سلاح الراكبين.
الطلقة: سباق العدو الذي ينتهي بتسديدة ثابتة ومتزامنة.
تكافئ المسابقات بشكل خاص المحاذاة المثالية، وجودة البداية، وسلوك الفرسان، وتسخير الخيول، والفن في تنفيذ لعبة الأسلحة ودقة التفجيرات وتزامنها.
مواصفات خيول التبوريدة:
هناك مواصفات محددة يجب أن تتوافر في الخيول الخاصة بالتبوريدة وذلك ليتمكن الفارس من توجيه الخيل فيجب على الخيل الاستجابة لبعض الضوابط منها:
أن تكون الفرس حرة: أي أن تكون الفرس عزيزة النفس، ومن مؤشرات ذلك التعفف عن أكل علف أي فرس أخرى، وتقوم بتحريك الأذنين في اتجاهين مختلفين عندما يقترب منها أي شخص غريب.
صغر السن: من أهم الشروط أن تكون الفرس ذات سن صغير، أي اقتناء الخيل قبل أن يكون قد حمل السرج وذلك حتى يسهل ترويضه.
الطول: من التعليمات الهامة في التبوريدة أن الفرس يجب أن يكون طويلاً، يتم قياس المسافة بين ركبتيه وبين ملتقى الحافر والساق، وإذا تجاوز الفرس أربعين سنتمترا يعتبر خيلاً مميزاً.
السلهام: من أكثر العلامات المميزة للفرس هو اتساع خاصرته، وأن يكون له عضلات قوية، وذيل قصير وينتهي بخصلة من الشعر الطويل الناعم غير المجعد، وهذه المواصفات في الخيل يطلق عليها مصطلح (السلهام).
الهيئة من الأمام: يجب أن يكون الفرس يمتلك صدر واسع عريض، ورأسه مرفوع دائماً.
اللون: أغلب الأشخاص يفضلون اختيار لون الفرس، ومن أميز ألوان الفرس الأشقر الأدهم والمذهب اللون، والأسود الداكن. هناك بعض أنواع الفرس التي تمتلك ثلاث ألوان حيث يولد الفرس أسود ثم يتحول إلى لون مزركش بالأبيض والأسود.
طقوس وتقاليد التبوريدة:
هناك طقوس وتقاليد محددة للتبوريدة منها:
الترويــــض:
هذه العملية تكون من بداية التبوريدة، ويجب تدريب المهر أولاً على طريقة الرقص، وهذه العملية تعتبر من أصعب المراحل التي يمر بها الفارس ويكون الهدف منها هو خلق الألفة بين المهر والفارس. والمرحلة الثانية وضع اللجام للمهر ويكون ذلك صعب مع الرقص، ويواجه الفارس صعوبة في بداية الأمر. ثم تأتي مرحلة ركوب المهر بشكل متقطع ولمسافات ليست طويلة ريثما يشتد عود المهر.
شروط نجاح فن التبوريدة:
يعتمد نجاح فن التبوريدة على احترام المجموعة للقائد وللشروط التي يضعها ومنها شروط للفرس وشروط للفارس:
الميدان: أو المطرك هناك شروط تتعلق بالمكان والنشاط الفني وهو ما يعرف لدى العامة بـ المطرك أو المجبد ويكون عبارة عن ميدان يحتضن به ملتقيات ومجريات فن التبوريدة وعلى أرضيته يتم العرض والفرجة. وعلى هوامش هذه المطارك يتم نصب الخيم والأقبية. كما أن هناك بعض الأنشطة الرياضية الأخرى يمكن التقديم لها من طرف الشباب.
يعتبر فن “التبوريدة” فرصة لإظهار المواهب. وهي تقام بالتزامن مع المناسبات والمواسم المتعددة والمتنوعة خلال السنة.