تشكل صحة الأسنان لدى الخيول عاملاً رئيسيًا في راحتها العامة وأدائها الرياضي. فكما يحتاج الإنسان إلى رعاية فموية دورية، تحتاج الخيول أيضًا إلى فحوصات وعلاجات منظمة للأسنان للحفاظ على جودة حياتها وصحتها.
حيث يؤكد الأطباء البيطريون أن تجاهل هذه الرعاية قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تشمل الألم، صعوبة المضغ، وفقدان الوزن. وقد تؤثر مشاكل الأسنان مباشرة على طريقة ركوب الخيل، خاصة في الخيول المستخدمة للسباقات أو العروض.
أهمية رعاية الأسنان للخيول:
الخيول، بطبيعتها، تمضغ الطعام بطريقة مستمرة تقريبًا، وهو ما يعمل على التسبب بتآكل الأسنان بشكل طبيعي. لكن في ظروف التربية الحديثة، بدأ يتغير نمط التغذية، وهذا ما يؤدي إلى نمو غير متوازن للأسنان.
تشرح لنا الطبيبة البيطرية ريبيكا هارتفيلد أن الخيول يمكن أن تصاب بآلام وتقرحات نتيجة أطراف حادة في الأسنان لم تعالَج.
وتوضح كذلك أن زيارة واحدة سنويًا للطبيب البيطري تساعد في منع هذه المشاكل، وذلك من خلال الكشف المبكر وبالتالي القيام بالعلاج في الوقت المناسب. حيث يؤثر أي خلل في عملية المضغ على عملية الهضم كاملة، إذ ترسل الخيول طعامها غير الممضوغ جيدًا إلى المعدة. وهذا الأمر سوف يزيد من خطر الإصابة بالمغص أو سوء امتصاص العناصر الغذائية.
كما أنه يمكن أن تؤدي مشاكل الفم إلى ضعف الأداء، لأن الحصان قد يقاوم اللجام أو يظهر سلوكًا عدائيًا عند الركوب.
ما هي عملية “الفلووتينغ”؟
العلاج الأكثر شيوعًا في رعاية الأسنان للخيول يُعرف باسم الفلووتينغ (Floating)، وهو تنعيم الأسنان وإزالة الزوائد الحادة. حيث يبدأ الإجراء عادة بتخدير خفيف للحصان للحفاظ على هدوئه خلال العملية.
ثم يستخدم الطبيب أداة تسمى “المفرج الفموي” لإبقاء فم الحصان مفتوحًا أثناء الفحص والعلاج.
يتم كذلك استخدام أداة كهربائية تطحن الزوائد أو الأطراف الحادة من الأسنان، والتي قد تسبب ألمًا أو خدوشًا في اللسان واللثة. تقول هارتفيلد إن هذه العملية تمنح الحصان راحة أكبر، وتساعده على المضغ بطريقة سليمة، كما أنها تحسن سلوكه العام.
من يجب أن يجري هذا الإجراء؟
تؤكد د. هارتفيلد أن إجراء الفلووتينغ يجب أن يتم حصريًا على يد طبيب بيطري مرخص أو مختص أسنان خيول معتمد.
وتضيف كذلك أن عملية التخدير، التي تعد جزءًا من الإجراء، تتطلب وجود علاقة طبية قانونية بين المالك والطبيب والحصان. هذا ما يعرف باسم “العلاقة البيطرية بين الطبيب والمريض والعميل” (Veterinary-Client-Patient Relationship). بدون هذه العلاقة، لا يحق لأي شخص وصف المهدئات أو إجراء أي عملية علاجية للخيول. حيث أن القيام بهذه العملية من قبل أشخاص غير مختصين قد يؤدي إلى أضرار خطيرة، تشمل إصابة الحصان أو تفاقم المشكلة الصحية.
علامات تستدعي الانتباه:
يمكن للمالك ملاحظة بعض المؤشرات التي تشير إلى وجود مشكلة في أسنان الحصان، ومنها:
- صعوبة أو بطء في المضغ أو فقدان شهية.
- وجود بقايا طعام غير ممضوغ في الحوض أو في الروث.
- رائحة فم كريهة أو سيلان لعاب زائد.
- سلوك عدائي عند وضع اللجام أو الركوب.
- ظهور دماء أو تقرحات في الفم عند الفحص الخارجي.
في حال ملاحظة أي من هذه الأعراض، ينبغي الاتصال بالطبيب البيطري فورًا لإجراء تقييم شامل.
تكرار الرعاية: كم مرة يجب تنظيف الأسنان؟
ينصح الأطباء البيطريون عمومًا بإجراء فحص أسنان شامل مرة واحدة كل 12 شهرًا للخيول البالغة. لكن في بعض الحالات، قد يحتاج الحصان إلى زيارات أكثر من مرة سنويًا، خصوصًا إذا كان كبير في السن أو يعاني مشاكل مزمنة. إن الخيول الصغيرة تحتاج أيضًا لفحص دوري منذ عمر عام واحد، لمتابعة نمو الأسنان اللبنية وبداية تبدلها بالأسنان الدائمة.
كما تشكل بعض السلالات، كالخيول العربية والثيروبريد، تحديات خاصة من حيث نمو الأسنان، فهي تحتاج إلى مراقبة منتظمة.
صحة الفم تنعكس على أداء الحصان:
تشير الدراسات إلى أن الحصان الذي يعاني من مشاكل في الأسنان يظهر انخفاضًا كبيراً و ملحوظًا في الأداء، سواء في التدريب أو في السباقات. إذ تسبب تقرحات الفم أو الأسنان الطويلة توترًا لدى الحصان، وهو ما يجعله أقل تجاوبًا مع الأوامر وأقل راحة تحت السرج. كما أن الوزن يتأثر سلبًا إذا لم يتمكن الحصان من المضغ جيدًا، خاصة في الخيول المستخدمة للعمل أو العروض. لذا فإن رعاية الأسنان المنتظمة تساهم في حماية الاستثمار في الخيل، سواء من حيث الأداء أو الصحة العامة وطول العمر.
التوعية المجتمعية حول صحة الفم عند الخيول:
ضمن جهود التوعية المجتمعية، تنظم الطبيبة هارتفيلد فعاليات تثقيفية حول صحة الخيول، مثل قراءة كتب للأطفال وزيارات تعليمية. تهدف هذه الأنشطة إلى نشر الثقافة البيطرية منذ سن مبكرة، وتعزيز العلاقة الإيجابية بين الأطفال والحيوانات. وقد نظّمت مؤخرًا فعالية في عيادتها بمدينة مانفورد (Mannford)، حيث قرأت للأطفال قصة ستيوارت المعزاة، وسط حضور مميز من الزوار. إن صحة أسنان الحصان ليست ترفًا، بل ضرورة طبية لا غنى عنها لكل من يهتم بخيله ويرغب في توفير حياة صحية ومريحة له. كما أن الاعتماد على أطباء متخصصين، والمتابعة الدورية، والوعي بالمؤشرات المبكرة للمشاكل، كلها هي عوامل تضمن بقاء الحصان في أفضل حال.
المصادر:
American Association of Equine Practitioners
DoctorHartfield.com
ما هو الفرق بين الحصان العربي والحصان الإنجليزي وأيهما أفضل؟
كيف تحول الحصان المنغولي المهدد بالانقراض إلى رمز عالمي للحياة البرية؟
أول فارسة في الصومال .. المرأة التي كسرت التقاليد وامتطت الحصان
قصة كيبريوس الحصان الذي عاد من الموت ليصبح أسطورة في سباقات التحمل
Leave a Reply