تستعد مدينة عقارب بولاية صفاقس لاستقبال الدورة الستين من مهرجانها السنوي للفروسية، الذي يقام هذا العام من 24 إلى 27 جويلية 2025، بمبادرة من جمعية مهرجان عقارب للفروسية. يمثل هذا الحدث واحداً من أعرق المهرجانات الشعبية في تونس، ويجمع بين عروض الفروسية التقليدية والأنشطة الفنية والثقافية، في تظاهرة تستهدف العائلة التونسية وتستحضر الذاكرة الشعبية للمنطقة.
الفروسية في قلب المهرجان:
تحتل الفروسية مركز الحدث في مهرجان عقارب، حيث يشارك أكثر من مائة فارس من مختلف ولايات الجمهورية في عروض استعراضية تقليدية. ويتابع الزوار عروض “المداوري”، وهي من أبرز مكونات الفروسية التراثية، حيث يمتطي الفرسان خيولهم وهم يرتدون اللباس التقليدي ويرافقهم عزف آلات موسيقية محلية مثل الزكرة والطبل.
الفرسان المشاركون في هذه التظاهرة ينتمون إلى مدارس مختلفة في ركوب الخيل التقليدي، ويعكسون ثراء الموروث الثقافي والرياضي لتونس، خاصة في المناطق الريفية. كما تعد هذه العروض فرصة للأجيال الجديدة لاكتشاف المهارات القديمة التي ظلت حية في الذاكرة المحلية لعقارب والمناطق المجاورة.
عروض فنية وموسيقية ترافق التظاهرة:
إلى جانب الفروسية، يتضمن برنامج مهرجان عقارب عروضاً فنية متنوعة تشمل الموسيقى والمسرح والفنون الشعبية. وقد حرصت الجمعية المنظمة على دعوة فرق موسيقية محلية وجهوية تقدم وصلات مستوحاة من التراث الموسيقي التونسي، بهدف ربط الماضي بالحاضر بطريقة فنية قريبة من الجمهور.
ومن المنتظر أن تشهد سهرات المهرجان حضور فنانين من أبناء الجهة إلى جانب أسماء معروفة على الساحة الفنية التونسية. وتنظم هذه العروض في فضاءات مفتوحة، بما يتيح للعائلات الاستمتاع بالأجواء الاحتفالية في ظل أجواء صيفية مميزة.

مشاركة مجتمعية واسعة:
يشارك أهالي عقارب في تنظيم وإنجاح التظاهرة، من خلال فرق تطوعية تعمل إلى جانب الجمعية في الجوانب اللوجستية والاستقبال والتنظيم. وتظهر روح التعاون بشكل واضح بين مختلف مكونات المجتمع المحلي، من بلدية ومجتمع مدني ومؤسسات خاصة، ما يعكس تمسك السكان بتراثهم الثقافي وتاريخهم المشترك.
كما تشهد الأسواق المحلية حركة نشطة خلال أيام المهرجان، بفضل توافد الزوار من خارج المدينة، مما ينعش الاقتصاد المحلي ويساهم في دعم الحرفيين والتجار الصغار الذين يعرضون منتجاتهم على هامش الفعاليات.
دعم من المؤسسات الثقافية والجهوية:
تحظى هذه الدورة بدعم من وزارة الشؤون الثقافية، والمندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس، إلى جانب مساهمات لوجستية من بلدية عقارب وعدد من المؤسسات الاقتصادية المحلية. ويؤكد هذا التعاون المؤسسي على أهمية هذا المهرجان كعنصر أساسي في استراتيجية دعم الثقافة المحلية والمواطنة الثقافية في تونس.
كما يعد مهرجان عقارب جزءاً من شبكة المهرجانات الصيفية التي تعتمدها وزارة الثقافة سنوياً في مختلف الولايات، وهو ما يعكس أهميته من الناحية الثقافية والسياحية والرمزية.
60 سنة من الذاكرة والفرجة:
انطلقت أولى دورات مهرجان عقارب للفروسية منذ أكثر من ستة عقود، بهدف إحياء تقاليد الفروسية والاحتفال بالمواسم الزراعية في المدينة. ومنذ ذلك الحين، حافظ على طابعه الشعبي والجماهيري، ونجح في ترسيخ مكانته كأحد أقدم المهرجانات في البلاد، حيث يستقطب الآلاف من الزوار سنوياً.
وقد تطور المهرجان على مر السنوات، دون أن يفقد أصالته، حيث أُضيفت إليه فقرات جديدة مع الحفاظ على الجوهر التراثي الذي يشكل هويته الأساسية. وتحرص الجمعية المنظمة على تجديد فقراته بما يتماشى مع تطلعات الجمهور، خاصة فئة الشباب التي تمثل جزءاً مهماً من الحضور.
الأبعاد الثقافية والسياحية للمهرجان:
يعتبر مهرجان عقارب للفروسية مناسبة لتعزيز السياحة الثقافية في ولاية صفاقس، التي تفتقر نسبياً إلى الترويج السياحي الكافي. وتعد مدينة عقارب محطة متميزة للسياحة الداخلية، بفضل موقعها القريب من مركز الولاية وارتباطها بتاريخ طويل في الفروسية والفنون الشعبية.

يساهم هذا الحدث في إبراز صورة الجهة كوجهة ثقافية وتاريخية، ويعزز من فرص التنمية المحلية المرتبطة بالتراث اللامادي. كما يشكل فرصة لطلبة الجامعات والباحثين في مجالات التراث الشعبي لتوثيق الممارسات الثقافية المتوارثة والعمل على دراستها.
توقعات بحضور جماهيري كبير:
يتوقع المنظمون حضور جمهور غفير خلال أيام المهرجان، خاصة مع تزامن التظاهرة مع العطلة الصيفية، وتوفر خدمات الضيافة في المدينة وضواحيها. وتعمل اللجنة المنظمة على توفير كل سبل الراحة للزوار، من حيث الأمن والمرافق والخدمات اللوجستية.
تمثل الدورة الستين لمهرجان عقارب للفروسية محطة بارزة في المشهد الثقافي التونسي، وهي أكثر من مجرد عروض فرسان وخيول، بل هي تظاهرة جامعة تحتفي بالتاريخ والهوية، وتُعيد الحياة لطقوس شعبية ظلت راسخة في وجدان سكان الجنوب الشرقي.
عبر هذه الفعالية، تواصل مدينة عقارب ربط ماضيها العريق بحاضرها المتجدد، وتؤكد أن الفروسية ليست مجرد استعراض، بل جزء أصيل من الذاكرة الجماعية التي يجب صونها وتطويرها.
المصدر:
babnet.tunisia
تونسكوب
حقائق اونلاين
الخيول تقلب العرض العسكري الفرنسي إلى فوضى بحضور ماكرون
رحلة في خدمة صحة الخيول وتغذيتها
بطولة الخيول العربية تنطلق في الساحل الشمالي
كيف تتعامل مع حالات الطوارئ عند الخيول؟
وفاة حصان بفيروس يصيب الخيول والبشر
طالبة إماراتية تطور منظومة ذكية لتحسين العلاقة بين الفارس والخيل





Leave a Reply