قصة إصابة “الساحر الفضي”… عندما تتحول الخيول من أبطال إلى مرضى

تطالعنا قصة جديدة من عالم الخيول وهي قصة إصابة “الساحر الفضي” لتحكي لنا كيف يكون الأمر عندما تتحول خيول السباق من أبطال سابقين إلى مرضى يحتاجون للرعاية والإنقاذ،

ففي عالم سباقات الخيول، حيث تقاس القوة بالسرعة، وتحتسب القيمة بالإنجازات، قد ينتهي كل شيء في لحظة واحدة. وهي تلك اللحظة التي تكسر فيها ساق حصان، أو تصاب فيها مفاصله الدقيقة. فتتوقف  حينها عجلة المجد وتبدأ رحلة جديدة من الألم والرعاية. كان هذا ما حدث مع “الساحر الفضي” Sorcerer’s Silver، أحد أبرز خيول سباق كنتاكي ديربي Kentucky Derby، الذي تحطمت آماله بعد  إصابته بإصابة خطيرة.

الإصابة التي قلبت حياة “الساحر الفضي”:

أثناء مشاركته في النسخة 151 من سباق كنتاكي ديربي، تعرّض “الساحر الفضي” لكسر في عظمة السِمسم sesamoid bone، وهي عظمة صغيرة لكنها حاسمة في حركة مفصل الكاحل الخلفي للحصان. إن هذا النوع من الإصابات غالبًا ما ينهي المسيرة المهنية لأي حصان سباق، نظراً لحجم الضغط الذي تتعرض له هذه العظام أثناء الجري السريع.

أثناء مشاركته في النسخة 151 من سباق كنتاكي ديربي، تعرّض “الساحر الفضي” لكسر في عظمة السِمسم sesamoid bone

ويمكن مقاربة هذه الحالة عند الإنسان، بما يشخصه الأطباء  كإصابة بحالة لاعب كرة قدم  كُسرت ساقه بالكامل، وبالتالي فإن هذا الأمر  سيمنعه من العودة إلى الملاعب نهائيًا. ولكن في حالة “الساحر الفضي”، لم تكن النهاية قاتمة بالكامل.

دمج العظمتين السِمسمتين من خلال الجراحة:

في مستشفى “رود آند ريدل” Rood & Riddle Equine Hospital في ليكسينغتون، خضع الحصان لعملية جراحية معقدة أجراها الطبيب البيطري المتخصص “لاري براملاج” Dr. Larry Bramlage. وهو أحد أبرز الجراحين في مجال الطب البيطري للخيول. هذه العملية قد استغرقت ثلاث ساعات وتضمنت إعادة دمج العظمتين السِمسمتين باستخدام 18 برغيًا وصفيحة معدنية وسلك بطول قدمين.

وخلال العملية، كان الهدف الأساسي ليس فقط إصلاح العظام، بل تمكين الحصان من الوقوف والمشي بعد أقل من ساعة من انتهائها. فالحصان، بخلاف الإنسان، لا يمكنه الراحة على ظهره طويلاً دون تعريض حياته للخطر. حيث إن توقفه عن الحركة لفترة طويلة يسبب مشكلات في الدورة الدموية، وقد يؤدي إلى مضاعفات قاتلة مثل المغص أو تلف العضلات.

 في غرفة العناية المشددة:

بعد نجاح العملية، لم تعلن حالة “الساحر الفضي” كحالة مستقرة بشكل كامل. قال الدكتور براملاج إن الحصان ما زال تحت المراقبة الطبية الدقيقة، وإن الأيام الثلاثين الأولى بعد الجراحة تعتبر حاسمة. خلال هذه الفترة، سيظل يتابع الطاقم البيطري علامات الالتهاب أو العدوى أو حتى فشل الاندماج العظمي.

أما إذا مضت الثلاثون يومًا الأولى دون تعقيدات، سيتم نقله إلى حقل صغير ذي مساحة محدودة تساعد على ضبط حركته. الغاية من هذه المرحلة هي منح العظام وقتًا كافيًا للالتئام دون تعريضها لضغط مفرط.

ماذا بعد فترة النقاهة ؟

وفقًا للخطة العلاجية، إذا استمرت حالة “الساحر الفضي” في التحسن، فسيُسمح له بالانتقال إلى مرعى واسع بعد 90 يومًا. حينها، سيتمكن من التجوال بحرية، تمامًا كما لو أنه لم يتعرض لأي إصابة. وبالرغم من أنه لن يعود إلى ميادين السباق، فإنه قد يعيش حياة طبيعية تمتد لعشرين أو حتى خمسة وعشرين عامًا، وفقًا لحالته الصحية العامة

لماذا لا يعاد تأهيل الخيول كلها بعد الإصابة؟

رغم التقدّم في الطب البيطري، لا تنجو كل الخيول المصابة بإصابات مشابهة. في كثير من الحالات،  حيث تضطر الإسطبلات أو ملاك الخيول إلى اتخاذ قرار القتل الرحيم، خصوصًا إذا كانت الإصابة معقدة أو فرص النجاح ضئيلة أو إذا لم تتوفر الميزانية الكافية لعلاج طويل ومكلف.

ولكن في حالة “الساحر الفضي”، تميّز الموقف بتدخل إنساني من ملاكه، ويست بوينت ثوروبريد West Point Thoroughbreds، حيث أنهم هم الذين اختاروا منحه فرصة جديدة للحياة، رغم أن ذلك يعني نهاية مسيرته في السباقات. هذا السلوك يلفت الانتباه إلى أهمية تبنّي نهج أخلاقي في التعامل مع خيول السباق المصابة، وتقديم الرعاية لها حتى بعد انتهاء قدرتها على الربح.

خطوات علاج إصابات الخيول الرياضية

البعد الإنساني في رعاية الخيول المصابة:

قصة “الساحر الفضي” ليست مجرد حالة طبية، بل درس في الأخلاق والمسؤولية. فلقد أظهرت كيف يمكن للتدخل السريع والقرار الحكيم أن يحدثا فرقًا بين حياة تنقذ وحياة تُزهق. إن مواقف كهذه تطرح تساؤلات حول مصير آلاف الخيول التي تتعرض للإصابات سنويًا في مضامير السباق. كما أنها تسلّط الضوء على الحاجة إلى تشريعات تحمي هذه الكائنات وتضمن لها الرعاية الواجبة.

رسالة الأمل التي يمثلها “الساحر الفضي”:

إذا سارت الأمور وفق الخطة، فإن “الساحر الفضي” سيقضي حياته في مكان هادئ بين الحقول، حيث يمكنه الركض فيها بحرية دون الحاجة للفوز. ومن المحتمل أيضًا أن يُستخدم لاحقًا في برامج التربية أو التعليم، ليس فقط لجيناته المميزة، بل كقصة تُروى للأجيال عن الصبر والتضحية والرحمة.

حيث إن قصته تعيد رسم ملامح علاقة الإنسان بالحصان، من علاقة قائمة على المنفعة إلى شراكة تحمل مسؤولية مستمرة حتى بعد انتهاء السباق.

المصادر:

Spectrum News 1 – D’Quan Lee report on Sorcerer’s Silv

Rood & Riddle Equine Hospital – Equine Surgery and Post-Op Care Overview

American Association of Equine Practitioners – Sesamoid Injuries in Racehorse

فعالية العلاج بالخلايا الجذعية قصة ملهمة لعلاج حصان

كتاب “أطعم حصانك كحصان” للدكتورة جوليت جيتي

كوزمو حصان الشاير يشارك في عروض التاريخ البريطاني

كيفية تنظيف وتزيين الحصان دليل شامل للمربين والهواة