هجرة الخيول في العصر الجليدي تساعد البشر في مواجهة التغير المناخي

قالت دراسة علمية عالمية نشرت بتاريخ 15 مايو 2025 بمجلة ساينس (Science ) أن هجرة الخيول في أواخر العصر الجليدي تكشف لنا دروسًا مهمة لمستقبل بيئي مستدام.

شارك في هذه الدراسة العلمية العالمية فريق دولي مؤلف من 57 باحثًا، بينهم 18 من العلماء الأصليين من شعوب لاكوتا (Lakota)، وديني (Diné)، وبلاكفوت (Blackfoot)، وسكويليكس (Sqelixʷ)، وإينوبياك (Iñupiat). وقد خلصت إلى نتائج تاريخية حول هجرة الخيول خلال أواخر العصر الجليدي (البليستوسيني).

تفاصيل الدراسة:

اعتمدت الدراسة على دمج تحليلات الحمض النووي القديم والنظائر المشعة مع المعرفة التقليدية للشعوب الأصلية. وقد أظهرت النتائج أن الخيول تنقّلت بشكل حرّ بين ما يعرف اليوم بآسيا وأمريكا الشمالية وذلك عبر مضيق بيرينغ، وقد حدث ذلك في فترة تراوحت بين 850,000 و13,000 سنة مضت.

الخيول كانت موجودة في أمريكا قبل الاستعمار؛

تخالف نتائج الدراسة ما يروجه التاريخ الأوروبي بأن الخيول لم تكن موجودة في أمريكا الشمالية قبل الاستعمار. حيث أن هذه الدراسة وصلت إلى أن الخيول كانت بالفعل من الكائنات الأصيلة في تلك الأراضي. وقد عاش البشر حينها جنبًا إلى جنب مع هذه الخيول، وتفاعلوا معها في مختلف الأنظمة البيئية السائدة لآلاف السنين.

ويؤكد الباحثون أن العلاقة بين الخيول والبشر الأصليين ليست حديثة كما يزعم البعض، بل تعود إلى أعماق ما قبل التاريخ. وقد دعمت هذه الفرضية الروايات الشفوية التي تناقلها السكان الأصليون لقرون.

التعاون مع المجتمعات الأصلية في المعارف التاريخية:

أكد الباحثون أهمية التعاون مع المجتمعات الأصلية في هذا المشروع. فقد قدّمت هذه الشعوب معارف تاريخية غنية وفهمًا عميقًا للطبيعة، وهو ما ساعد في تفسير البيانات الوراثية والجيولوجية.

وقد أشار الدكتور لودوفيتش أورلاندو (Ludovic Orlando)، أحد الباحثين الرئيسيين، إلى أن هذه الدراسة “تُعد من أكثر الجهود العلمية شمولاً في هذا المجال”، حيث دمجت تحليلات 262 جينومًا قديمًا ونحو 7000 عينة من الأسنان والعظام والنظائر.

فهم كيفية نجاة الخيول يساعد في مواجهة التغير المناخي:

النتائج أظهرت أن الخيول نجت من فترات تغير مناخي حاد وتدهور بيئي حدث خلال العصر الجليدي. وقد تكيفت مع الظروف المتقلبة عبر الانتقال بين القارات والبحث عن مواطن جديدة.

حيث إن هذا السلوك يقدّم مثالًا على قدرة الأنواع على التكيف والنجاة في فترات الأزمات البيئية. ويرى العلماء أن فهم كيفية نجاة الخيول من تغيرات الماضي قد يساعد البشرية في مواجهة تحديات العصر الحديث، وخاصة أزمة التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي.

إعادة النظر في التاريخ الطبيعي للخيول

تؤكد الدراسة أن الخيول لم تختف تمامًا من أمريكا الشمالية بعد العصر الجليدي، بل استمرت بأعداد صغيرة في مناطق متفرقة. وقد شكك الباحثون في الفرضيات السابقة التي اعتبرت أن الانقراض كان كليًا ونهائيًا.

كما تعيد الدراسة تقييم ما يسمى بـ”الخيول البرية”، مشيرة إلى أن العديد من الخيول التي يُعتقد أنها مستأنسة كانت على الأرجح امتدادًا لسلالات برية بقيت في أمريكا الشمالية لآلاف السنين.

المعرفة التقليدية للشعوب ضرورية للعلم الحديث:

أبرزت الدراسة أهمية دمج المعرفة التقليدية للشعوب الأصلية في البحوث العلمية. فقد وفرت تلك المعارف تفاصيل دقيقة عن توزيع الحيوانات وسلوكها وتفاعلها مع البيئة، ما لم يكن بالإمكان رصده من خلال التحليل الجيني فقط.

تقول إحدى المشاركات في الدراسة، من قبيلة بلاكفوت، إن التعاون كان مبنيًا على الاحترام المتبادل، وفتح الباب لرواية تاريخ حقيقي لطالما تم تجاهله في الكتب الغربية.

فرصة لإصلاح الروايات التاريخية الخاطئة

يعتقد العلماء أن هذه النتائج تمثل فرصة لإعادة النظر في كثير من الروايات التاريخية التي همّشت دور الشعوب الأصلية وقلّلت من قيمة معارفهم. وقد أكدوا أن هذه المجتمعات لعبت دورًا رئيسيًا في حماية الأنظمة البيئية والحفاظ على التنوع الحيوي.

الخيل الأفضل لكل سباق

كما أشاروا إلى أن فهم العلاقات التاريخية بين البشر والحيوانات يمكن أن يقدّم حلولًا مستدامة للتعامل مع الأزمات البيئية الحالية.

نحو مستقبل بيئي أكثر توازنًا

تختتم الدراسة بالتأكيد على أن التاريخ الطويل للعلاقات بين الخيول والإنسان في أمريكا الشمالية يقدم دروسًا ثمينة لمستقبل أكثر استدامة. ويُعد هذا البحث نموذجًا في التعاون بين العلم الحديث والمعرفة التقليدية المتوارثة لدى الشعوب وذلك من أجل حماية البيئة وفهم تاريخها الحقيقي.

المصادر:

مجلة Science، مايو 2025

موقع SciTechDaily

تعليقات باحثين من جامعة كوبنهاغن وجامعة هارفارد وأعضاء من قبائل السكان الأصليين.

أكثر من 100 رأس من الخيول العربية الأصيلة في مزاد قطر

“آيرو ترافلز” وشركات سياحية أخرى تنهي رحلات الجمال والخيول عند أهرامات الجيزة

أضخم وأهم 13 مزرعة من مزارع الخيول في العالم

دراسة حديثة: الخيول تتنصت على البشر..!

الخيول وعلاقتها بالحلول الجديدة لأمراض القلب والشيخوخة